كتاب الدر الثمين والمورد المعين

علوم الدين والشافعي في رسالته الاجماع على أن المكلف لا يجوز له أن يقدم على فعل حتى يعلم حكم الله تعالى فيه فمن باع وجب عليه أن يتعلم ما عينه الله وشرعه في البيع ومن آجر وجب عليه أن يتعلم ما شرعه الله تعالى في الاجارة ومن قارض وجب عليه أن يعلم حكم الله تعالى في القراض ومن صلى وجب عليه أن يتعلم حكم الله تعالى في تلك الصلاة وكذا الطهارة وجميع الأعمال والأقوال فمن تعلم وعمل بمقتضى ما علم فقد أطاع الله تعالى طاعتين ومن لم يعلم ولم يعمل فقد عصى الله معصيتين ومن علم ولم يعمل بمقضي علمه فقد [أطاع الله وعصاه معصية، ثم قال: إذا تقرر هذا وأنه لابد من تقدم العلم بما يريد الإنسان أن يشرع فيه، فمثله قوله تعالى: «ولا تقف ما ليس لك به علم» [الإسراء: 36] فنهى الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم عن اتباع غير المعلوم، فلا يجوز الشروع في شيء حتى يعلم فيكون طلب العلم واجباً في كل حال، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: «طلب العلم فريضة على كل مسلم». قال الشافعي رضي الله عنه: العلم قسمان: فرض عين، وفرض كفاية، ففرض العين علمك بحالتك التي أنت فيها، وفرض الكفاية ما عدا ذلك. اهـ. ببعض اختصار.
قال الشيخ زروق في قواعده ما معناه: إن وجوب تعلم أحد علم حاله إنما هو بوجه إجمالي يبرئه من الجهل بأصل حكمه بقدر وسعه وما وراء ذلك إنما هو فرض الكفاية، إذ لا يلزمه تتبع المسائل إلا عند النازلة، والله أعلم. وأما تطهير القلب من أمراضه كالرياء والحسد، والعجب، والكبر، والغل، والحقد، والبغي، والغضب لغير الله تعالى، والغش، والسمعة، والبخل، والإعراض عن الحق استكباراً، والخوض فيما لا يغني، والطمع وخوف الفقر، وسخط المقدور، والبطر، وتعظيم الأغنياء لغناهم، الاستهزاء بالفقراء لفقرهم، والفخر، والخيلاء، والتنافس في الدنيا، والمباهاة، والتزين للمخلوقين، والمداهنة، وحب المدح بما لم يفعل، والاشتغال بعيوب الخلق عن عيوبه، ونسيان النعمة، والمحبة والرغبة والرهبة لغير الله تعالى كلها حرام إجماعاً؛ فقال الإمام أبو حامد الغزالي رضي الله عنه: معرفة حدودها وأسبابها وعلاجها فرض عين، وقال غيره: إن رزق الإنسان قلباً سليماً من هذه الأمراض المحرمة كفاه ولا يلزمه تعلم دوائها، فأما الرياء فهو مشتق من الرؤية والسمعة مشتقة من السماع، والرياء طلب المنزلة في قلوب الناس بإرادتهم خصال الخير. قال الشيخ الجزولي: وهو حرام موجب لمقت الله تعالى، ودليل تحريمه الكتاب والسنة والإجماع، أما الكتاب فقوله تعالى:]

الصفحة 575