كتاب الدر الثمين والمورد المعين

[يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا * مذبذبين» [النساء: 143]، وقال تعالى: «فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون» الآية [الماعون: 4] إلى غير ذلك وأما السنة فقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يقبل الله عملاً فيه ذرة من الرياء» وقال: «الرياء الشرك الأصغر». وقال: «الرياء فيكم أخفى من دبيب النمل على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء». فخافوا من ذلك فقال لهم: «إني أخبركم بما يذهب قليل ذلك وكثيره، وهو أن تقول: اللهم إني أعوذ بك من أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك مما لا أعلم».
وقيل لمعاذ: حدثنا! حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكى حتى ظننا أنه لا يسكت، فسكت ثم قال: قال لي: «يا معاذ» قلت: لبيك بأبي وأمي أنت يا رسول الله؛ فقال: «إني أحدثك بحديث فإن حفظته نفعك وإن لم تحفظه وضيعته انقطعت حجتك يوم القيامة، يا معاذ إن الله تعالى جعل مصاعد أعمال بني آدم السموات السبع، وجعل على كل مصعد ملكاً لا يصعد بشيء من الأعمال إلا عليهم فتصعد الحفظة بعمل صالح فيما يظهر لهم؛ لأنهم لا يعلمون الغيب، فإذا انتهت إلى سماء الدنيا قال لهم الملك الموكل بها: ردوا هذا العمل واضربوا به وجه صاحبه أنا صاحب الغيبة أمرني ربي أن لا أدع عمل من يغتاب الناس يجاوزني إلى غيري، فإذا صعدوا بعمل سلم صاحبه من الغيبة ووصلوا إلى السماء الثانية قال لهم الملك الموكل بها: ردوا هذا العمل واضربوا به وجه صاحبه أنا صاحب النميمة أمرني ربي أن لا أدع عمل صاحب النميمة يجاوزني إلى غيري، فإذا صعدوا بعمل سلم صاحبه من الغيبة والنميمة فوصلوا إلى السماء الثالثة يقول الملك الموكل بها: ردوا هذا العمل واضربوا به وجه صاحبه أنا صاحب الكبر أمرني ربي أن لا أدع عمل من يتكبر على الناس يجاوزني إلى غيري، فإذا صعد بعمل سلم صاحبه من الغيبة والنميمة والكبر، فوصلوا به إلى السماء»]

الصفحة 576