كتاب الدر الثمين والمورد المعين

مندوب إليها أو مباحة ثم قال وأما بيان الدواء الذي ينفى به مرض الحسد عن القلب فاعلم أن الحسد من الأمراض العظيمة للقلوب ولا تداوى أمراض القلوب إلا بالعلم والعمل
والعلم النافع لمرض الحسد هو أن تعرف تحقيقاً أن الحسد ضرر عليك في الدنيا والدين وأنه لا ضرر به على المحسود في الدنيا والدين ومهما عرفت هذا عن بصيرة ولم تكن عدو نفسك وصديق عدوك فارقت الحسد لا محالة أما كونه ضرر عليك في الدين فهو أنك بالحسد سخطت قضاء الله تعالى وكرهت نعمته التي قسمها بين عباده وعدله الذي أقامه في ملكه بخفي حكمته واستنكرت ذلك واستبشعته وهذه جناية على حدقة التوحيد وقذى في عين الإيمان وناهيك بها جناية على الدين ثم قال: وأما كونه ضرراً عليك في الدنيا فهو أنك تتألم بحسدك وتتعذب به ولا تزال في كمد وغم إذ أعداؤك لا يخليهم الله عن نعم يفيضها عليهم فلا تزال تتعذب بكل نعمة تراها وتتألم بكل بلية تصرف عنهم فتبقى مغموماً محزوناً كما تشتهيه لأعدائك فقد كنت تريد المحنة لعدوك فتنجزتها في الحال نقد لنفسك، ولا تزال النعمة على المحسود يحسدك وأما كونه لا ضرر فيه على المحسود في دينه ودنياه فواضح لأن النعمة لا تزول عنه بحسدك بل ما قدر الله من إقبال ونعمة فلا بد أن يدوم إلى أجل قدره الله تعالى ولا حيلة في دفعه بل كل شيء عنده بمقدار ولكل أجل كتاب ولذلك شكا نبي من الأنبياء عليهم السلام امرأة ظالمة مستولية على الخلق فأوحى الله تعالى إليه فر من قدامها حتى تنقضي أيامها أي ما قدرناه في الأزل فلا سبيل إلى تغييره فاصبر حتى تنقضي المدة التي سبق القضاء بدوام اقبالها فيها ومهما لم تزل النعمة بالجسد لم يكن على المحسود ضرر في الدنيا ولا كان عليه إثم في الآخرة اهـ، ولبعضهم في الحسد
ألا قل لمن ظل لي حاسداً
أتدري على من أسأت الأدب
أسأت على الله في حكمه
لأنك لم ترض لي ما وهب
فجزاك عني بأن زادني
وسد عليك وجوه الطلب [/شع [
وقال آخر
عداتي لهم فضل علي ومنة
فلا أذهب عني الرحمن الأعاديا [/شع [
هموا بحثوا عن زلتي فاجتنبتها
وهم نافسوني فاكتسبت المعاليا [/شع [
وقال آخر
لا مات أعداؤك بل خلدوا
حتى يروا منك الذي يكمد [/شع [
لا زلت محسوداً على نعمة
فإنما الكامل من يحسد [/شع [

الصفحة 579