كتاب الدر الثمين والمورد المعين

خَوْفٌ رَجَا شُكْرٌ وَصَبْرٌ تَوْبَهْ
زُهْدٌ تَوَكلُّ رِضاً مَحَبَّهْ
يَصْدُقُ شاهِدَهُ فِي الْمُعَامَلةْ
يَرْضَى بِمَا قَدَّرَهُ الإِلَهُ لَهْ
يَصِيرُ عِنْدَ ذَاكَ عَارِفاً بِهِ
حُرَّاً وَغَيْرُهُ خلاَ مِنْ قَلْبِهِ
فَحَبَّهُ الإِلهُ وَاصْطَفَاهُ
لِحَضْرَةِ الْقدُّوسِ واجتَبَاهُ
أما صحبة الشيخ العارف بالمسالك جمع مسلك موضع السلوك يعني الطريق الموصلة إلى الله تعالى الذي يقي صاحبه المهالك ويذكره الله إذا رآه ويوصله إلى مولاه فقال الشيخ الإمام العارف الولي سيدي أبو عبد الله بن عباد أثناء شرحه لقوله السيد العارف ابن عطاء الله لولا ميادين النفوس ما تحقق سير السائرين ما نصه ولا بد للمريد في هذه الطريق من صحبة شيخ محقق مرشد قد فرغ من تأديب نفسه وتخلص من هواه فليسلم نفسه إليه وليلتزم طاعته والانقياد إليه في كل ما يشير به عليه من غير ارتياء ولا تأويل ولا تردد فقد قالوا من لم يكن له شيخ فالشيطان شيخه وقال أبو علي الثقفي رضي الله عنه لو أن رجلا جمع العلوم كلها وصحب طوائف الناس لا يبلغ مبلغ الرجال إلا بالرياضة من شيخ أو إمام أو مؤدب ناصح ومن لم يأخذ أدبه من آمر له أو ناه يريه عيوب أعماله ورعونات نفسه لا يجوز الاقتداء به في تصحيح المقاصات وقال سيدي أبو مدين رضي الله عنه من لم يأخذ الأدب من المتأدبين أفسد من يتبعه، قال المؤلف رحمه الله في لطائف المنن إنما قد يكون الاقتداء بولي دلك الله عليه وأطلعك على ما أودعه من الخصوصية لديه فطوى عنك شهود بشريته في وجوه خصوصيته فألقيت إليه القياد فسلك بك سبيل الرشاد يعرفك برعونات نفسك في كمائنها ودفائنها ويدلك على الجمع على الله ويعلمك الفرار عما سوى الله ويسايرك في طريقك حتى تصل إلى أن يوفقك على إساءة نفسك ويعرفك بإحسان الله إليك فيفيدك معرفة إساءة نفسك الهرب منها وعدم الركون إليها ويفيدك العلم باحسان الله إليك الاقبال عليه والقيام بالشكر إليه والدوام على ممر الساعات بين يديه قال فإن قلت فأين من هذا وصفه لقد دللني على غرب من عنقاء مغرب فاعلم أنه لا يعوزك وجدان الدالين وإنما قد يعوزك وجود الصدق في طلبهم «جد صدقاً تجد مرشداً» ويجد ذلك في آيتين من كتاب الله تعالى قال الله سبحانه {أمن يجيب المضطر إذا دعاه} وقال سبحانه {فلو صدقوا الله لكان خيراً لهم} فلو اضطررت إلى من يوصلك إلى الله اضطرار الظمآن إلى الماء والخائف إلى الأمن لوجدت ذلك أقرب إليك من وجود طلبك ولو اضطررت إلى الله اضطرار الأم لولدها إذا فقدته لوجدت الحق منك قريباً ولك

الصفحة 583