كتاب الدر الثمين والمورد المعين

تعالى ليس له مكان فيقرب منه العبد وإنما قربه بالاجابة لمن دعاه والعطاء لمن سأله كما صرح به آخر الحديث فقرب العبد بالطاعة والكف على المخالفة وبعده بعصيانه ومتابعة هواه ومن هذا المعنى بالنسبة للفرض وحديث الاعرابي الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم عما افترض الله عليه فذكر له قواعد الاسلام فقال لا أزيد على هذا ولا أنقص منه فشهد له صلى الله عليه وسلم بالفلاح إن صدق وهو دخول الجنة وما يقرب منه تعالى ويكون سبباً
بفضل الله وجوده لدخول الجنة فجدير بالمحافظة عليه فضلاً عن مطلق الاتيان به وأما الاكثار من الذكر فمطلوب قال في الرسالة وقال معاذ ابن جبل رضي الله عنه ما عمل آدمي عملاً أنجى له من عذاب الله من ذكر الله قال الشيخ الجزولي لأن الانسان إذا أكثر من ذكر الله تعالى تجدد خشوعه وتقوى إيمانه وازداد يقينه وبعدت الغفلة عن قلبه وكان الى التقوى أقرب وعن المعاصي أبعد، وقد ذكر الله تعالى حكم الذكر وفضله وكيفيته وصفته وفائدته وعقوبة من أعرض عنه فأما حكمه وفضله فقال تعالى {يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً} والذاكرين الله كثيراً والذاكرات وقال فاذكروني أذكركم وقال ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها إلى غير ذلك من الآيات وأما كفيته فقال تعالى الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وأما صفته فقال تعالى فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله كذكركم آباءكم وذكرالأب يكون بالتعظيم وكذلك ذكر الله تعالى وأما فائدته فقال الله تعالى {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون} وقال {ألا بذكر الله تطمئن القلوب} وأما عقوبة من أعرض عنه فقال تعالى {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً} وقال {ومن يعش عن ذكر الرحمن} الآية اهـ ومعنى يَعْشُ يغفل ومعنى الآية ومن غفل عن ذكر الله يسر الله له شيطاناً يكون له قريناً عقوبة له على الغفلة عن الذكر ثم قال الامام الجزولي أيضاً وما قال معاذ رضي الله عنه إنما أراد به الذكر بالقلب هو إحضار الانسان قلبه والخوف والخشوع

الصفحة 590