كتاب الدر الثمين والمورد المعين

الجمال» ثم قال والمستحق للمحبة هو الله وحده وأن من أحب غير الله لا من حيث نسبته إلى الله تعالى فذلك لجهله وقصوره في معرفة الله تعالى وحب الرسول صلى الله عليه وسلم محمود لأنه عين حب الله تعالى وكذلك حب العلماء والأتقياء لأن محبوب المحبوب محبوب ورسول المحبوب محبوب ومحب المحبوب محبوب وكل ذلك راجع إلى حب الأصل فلا يجاوزه إلى غيره فلا محبوب في الحقيقة عند ذوي البصائر إلا الله تعالى ولا مستحق للمحبة سواه اهـ، باختصار ومن أراد بسط ذلك وبيانه وحججه وضرب مثله في الشاهد فعليه بالاحياء/ قوله يصدق شاهده في المعاملة البيت يصدق عطف بحذف العاطف على (يتحلى) وشاهد العبد أي حاضره والمطلع على سره وجهره هو الله تعالى والمعاملة معاملة العبد ربه تعالى والمعنى أنه يطلب من العبد أن يقصد بطاعته وجه الله تعالى إذ هو المطلع عليه والرقيب عليه لا الرياء والسمعة ولهذا المعنى عبر بالشاهد والله أعلم وقد تقدم بعض الكلام على ذلك في شرح قوله يطهر القلب من الرياء، وتقدم الكلام قريباً على الرضا بالمقدور من محبوب أو مكروه وأن من استولى على قلبه محبة الله تعالى رضى بكل ما يصدر منه له إذ الحب يورث الرضا بأفعال المحبوب قوله يصير عند ذاك عارفاً به البيتين معناه أن من اتصف بالأوصاف المذكورة يصير عارفاً بالله تعالى حراً لخلو قلبه عن محبة غيره إذ لو تعلق قلبه بمحبة غيره لكان عارفاً لذلك الغير وكأنه يشير لقول الإمام ابن عطاء الله رضي الله تعالى عنه ما أحببت شيئاً إلا كنت له عبداً وهو لا يحب أن تكون لغيره عبد اهـ، وقال قبل هذا: أنت حر مما أنت عنه آيس وعبد لما أنت له طامع اهـ، وإذا اتصف العبد بما ذكر وصار عارفاً بربه حراً من رق غيره لاعراضه عنه عبداً له تعالى لإقباله عليه بكليته أحبه الإله تعالى واصطفاه واجتباه لحضرته ومعنى اصطفى اجتبى واختار وجب لغة في أحب
ذَا الْقَدْرُ نَظْماً لا يَفي بِالْغَايَهْ
وَفي الّذي ذَكَرُتُهُ كِفَايهْ
أَبْيَاتُهُ أَرْبَعَةَ عَشْرَة تَصِلْ
مَعَ ثَلثَمائَةٍ عَدَّ الرَّسُلْ
سَمَّيْتُهُ بِالْمُرْشِدِ الْمُعِينِ
عَلَى الضَّرورِيِّ مِنْ عُلُومِ الدِّينِ
فاَسْأَلُ النَّفْعَ بِهِ على الدَّوَامْ
مِنْ رَبِّنَا بِجَاهِ سَيِّدِ الأَنامِ
قَدِ انْتَهى وَالْحَمْدُ لله الْعَظِيمِ
صَلَّى وَسَلّم عَلى الْهادِي الْكريم
أخبر أن هذا القدر الذي ذكر من النظم بمعنى أن ما اشتمل عليه النظم من المسائل

الصفحة 599