كتاب الدر الثمين والمورد المعين

الأولى الحض على ذكر شيء من أحوال المعاد وأهوال يوم القيامة الذي هو أهم الأشياء عند كل عاقل موفق وأنه ينبغي لكل من ألف كتاباً أن يختمه بشيء من ذلك ولا يغفله قلت ولا أظن أنهم أغفلوه إلا أنهم رأوا فناء مستقلاً يطول الكلام فيه فأفردوا له تآليف بالخصوص الثانية الاشارة إلى ما وقع لنا عند التعريف بشيخنا ناظم القصيدة
المشروحة من تحليته وتحلية اشياخه مما جرت به عادة المؤرخين من الوصف بالعلم والزهد والصلاح ونحو ذلك وأنه ينبغي للانسان عند ذلك التحلية بالأوصاف الظاهرة كاتقان العلوم والفهم الثاقب ونحو ذلك دون ما ختص الله بعلمه من أفعال القلوب كالزهد والولاية وقد تبعنا نحن في ذلك غيرنا ممن لا يحصى بكثرة ولكن الصواب ما قاله رضي الله عنه ونفعنا به وبأمثاله ولم أزل منذ حضني على ما ذكر حول بفكري في ذلك وأريد مطالعة بعض كتب القوم عليه وجمع طرف منه باختصار فبينما أنا كذلك وقفت للسيد المذكور على تأليف له من جملة تآليفه العديدة المحررة المفيدة قد ختمه بخاتمة تشتمل على المهم من ذلك فأراحني مما أريد تكلف جمعه وترتيبه وأردت أن أختم بها هذا الشرح المبارك امتثالاً لأمره وتبركاً بألفاظه وصالح نيته قال نفعنا الله به
فصل في الخاتمة ختم الله لنا وإياكم بالحسنى
اعلم أن كل من قيد شيئاً ولم يذكر من أحوال المعاد طرفاً فقد أخل وأضاع ما يحقه في حق المصطفى صلى الله عليه وسلم والقرآن المشحون بذكر أحواله ولا تكاد تجد فيه سورة إلا وقد أفصحت عن ذلك أو أومأت إلى بعض ما يخصه وأصغر السور الكوثر والإخلاص والعصر، فالكوثر الخير الذي أعطاه الله نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والاخلاص بمحض التوحيد الذي لم يأت به حرم عليه الحضور وملزوماته بحافات الكوثر وما بعث الله الرسل إلا للانذار بمواقفه واعلام الخلق بزلازله وعواصفه يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه يوم يقوم الحساب يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم يوم يقوم الأشهاد يوم يعض الظالم على يديه يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً والأمر يومئذ لله يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفاً مختلطين ملتفين وملتحمين لا يملك أحد إلا تحت قدميه ويوم

الصفحة 604