كتاب الدر الثمين والمورد المعين

نحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم إذ يقول أمثلهم طريقة إن لبثتم إلا يوماً كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة وترى الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحداً وعرضوا على ربك صفاً وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون ان لبثتم إلا قليلاً.
وما شرعت التكاليف إلا للتزود إليه ولما لم ينتفع به فيه حتى تفصل عرصاته وأما من دخل الجنة وخلص إليها فلا يرى فيها إلا الملك الكبير ويخلق الله فيها الكلم الرضا وفوق الرضا ولم يذكر المؤمن بأفضل من كتابه الذي أنزل له لا ريب فيه ولا مراء وإني لأرى هذا الأمر بقي على كثير من المصنفين لأن كل ما صنفوا إنما هو لأجله وأجل ما أعد له واستعد للزاد إليه التقلل من الدنيا والزهد في متاعها لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم «المكثرون هم المقلون يوم القيامة» والزهد خلو القلب عن التعلق بها وليس بالزاهد العديم المفتتن بها واختلافهم في الفقير الصابر والغني الشاكر قيل المراد بالغني هنا هو الغنى بالله ولا علينا في تعمير يده أم لا وكذلك هو الفقير ليس هو العديم أيضاً وإنما ذلك في مقام القلب ونظره لسيده وبيانه أن الغني في هذا الباب قلبه فارغ من همومها في الوجود والعدم ففي الوجدان أن لا يضعف عن التصرف بالاذن وفي العدم لا يتمنى التصرف في ملك الغير والفقير يخشى الافتتان بوجدانها ويضيق صدره بما تعلق بها من التكاليف في التصريف ويود السلامة منها وإلى هذا أشار الشيخ زروق لا تجد فقيراً صابراً إلا غنياً شاكراً ولا غنياً شاكراً إلا فقيراً صابراً والله أعلم وأما من تعلق قلبه بالدنيا في الوجود والعدم أو يبكي على فقدان ما ضاع له منها ولا يريد إلا الازدياد منها على أي وجه كان من حلال أو حرام أو متشابه فأولئك الذين تنصب عليهم الأهوال صباً يوم يجيء ربك والملك صفا صفا والأولون في وارفات ظل العرش نفعنا الله بذكرهم أمين ومن أجل ما استعد به أيضاً الصلاة وإقامتها والمحافظة عليها بشروطها وما زال صلى الله عليه وسلم عند احتضاره يوصي بالصلاة وعن إياس بن زياد قال قال

الصفحة 605