كتاب شرح اللمع

من ظن أن بعضها أولى من بعض خطأ كظن من ظن أن الحمار بغل () والحدأة باز (6)
والثور سبع (7). ومن اعتقد هذا فهو جاهل. ونحن نعلم أن أهل العلم يفرقون في
مسائل الاجتهاد، فيعتقد بعضهم قوة أمارة التحليل وبعضهم قوة أمارة التحريم. وعلى
قولك، كلهم على الخطإ، والأمة لا تجتمع على الخطإ.
1205 - فإن قيل: "لو كان الدليل ما ذكرتم لوجب إذا نظر الحنفي في ما نظر
فيه الشافعي من الدليل أن يقع له مثل ما وقع للشافعي من الحكم. ولما وقع له غير ما
وقع للشافعي دل على أن الاعتماد على الظن، كما قلنا".
الجواب أن هذا يبطل بمسائل الأصول. فإن كل واحد من الخصمين ينظر في
ما ينظر فيه الآخر ويقع له ما يقع لخصمه، ثم لا يدل ذلك على أن هناك. دلي! لا]
يختص به كل واحد منهما؛ بل الأدلة بينهما معلومة وهي الشواهد العقلية والمرجع
إليها وإن كان بعضهم لا يقع له ما يقع لخصمه.
ويدل على صحة مذهبنا أن تحليل الشيء وتحريمه وإفساده وتصحيحه لا يجوز
ورود الشرع به. ولو جاز ذلك لجاز أن يرد النص بتحليل شيء وتحريمه وتصحيحه
وإفساده في حالة واحدة على الإطلاق. وإذا لم تجز أن يرد النص به لا يجوز أن يدل
عليه الاجتهاد ظ] لأن الاجتهاد نتيجة النص والإجماع. وإذا استحال أن يرد
النص على حكم استحال أن يدل عليه الاجتهاد، لأنه لا يجوز أن تدل نتيجة الشيء
على ما يدل عليه أصله؛ وهذا الدليل هو الدليل الأول، غير أن تقريره غير التقرير
الأول.
1206 - فإن قيل: "إنما يستحيل ورود الشرع من جهة النص بالتحليل
والتحريم في حق شخص واحد؛ فأما في حق شخصين فيجوز، كما بئنا".
والجواب أنا لا ننكر ورود الشرع بالتحليل في حق شخص وتحريمه في حق
__________
(5) في!:تعلا.
(6) في إ: بازا.
(7) في ا: س! عا.
106 I

الصفحة 1062