كتاب شرح اللمع

مقطوع بصحتها. فلهذا سكتوا عن التبري والتغليظ؛ بخلاف الخمر فإن فيه نصاً لا
احتمال فيه من جهة القران والخبر؛ ولهذا لم يقروا من خالف. وهذا صحيح لأنه إذا
كان الطريق واضحا مقطوعا به فهو قاطع للغذر، ولا عذر لمخالفته؛ فيعلم أنه معاند
فلا يقر عليه. وإذا كان الطريق خفئا فهو معذور فلا يستحق التغليظ والإنكار، لأنه قد
يعارضه ضروب من الشبه وأنواع من التأويل والترجيح. وما اختلفت الصحابة فيه من
هذا الجنس. فلهذا تركوا التبري والتغليظ في القول.
1208 - احتج أيضا بأن قال: "لو كان في واحد لكان الله - تعالى! - قد نصب
عليه دليلا وجعل الى معرفته سبيلأ. فلما لم يفعل ذلك دل على أن جميع ذلك حق ".
والجواب أنا لا نسلم لكم هذا الأصل ونقول: إن الله - تعالى! - نصب على
الحق دليلأ وجعل إلى معرفته سبيلأ وجعل بين الحق والباطل فرقا من وجوه
الترجيحات. فإذا كلمتمونا في مسألة مسألة بينا ذلك ومئزنا الصحيح من الباطل.
1209 - فإن فيل: "الدليل على أن الله - تعالى! - لم ينصب على ذلك دليلا
ولا جعل إليه سبيلا أن من أخطأ لا يأثم بذلك ولا يفسق. ولو كان قد ترك الدليل
الذي نصبه الله تعالى! - لوجب أن يأثم ويفسق، كما نقول ذلك في مساثل الأعول:
إنه إذا أخطأ فيها وترك الدليل يكون اثماً وفاسقا [269 ظ] وربما كفر بالخط! في أكثر
مسائل الديانات ".
والجواب أن الله - تعالى! - جعل إلى معرفة الحق سبيلأ ونصب عليه دليلا من
الوجه الذي ذكرناه. وأما الإثم والتفسيق فهما حكمان طريق اثباتهما الشرع، والشرع
لم يرد بذلك، بل ورد ب! سقاط المأثم والتفسيق عنه. فتبعنا الشرع في ذلك على
حسب ما ورد. [!] هذا لا يدل على أن ذلك خطأ. ألا ترى أن بصغيرة لا يفسق
الإنسان ما لم يتكرر، ثم لا يدل على ان الصغيرة حق؟.
وجواب آخر انه يحتمل أن الله - تعالى ! - أسقط المأثم والتفسيق لخفاء الأدلة
وكثرة وجوه الشبه بأكمل التفصيل على المجتهد. فأسقط عنه المأثم والتفسيق لموضع
قصده واجتهاده لأنه بذل وصعه وأدى ما كفف.
1064

الصفحة 1064