كتاب شرح اللمع

- باب بيان النظر والدليل-
14 - والمفصود بهذا الباب بيان نظر القلب وهو الفكر في حال المنظور فيه.
وسميت مجالس النظر بذلك وإن كانت في الحقيقة مجالس الجدل لأن الجدل الواقع
فيها يقع عن الفكر والنظر. وسمي القياس نظرا لكونه واقعا عن النظر. والعرب
تسمي الشيء باسم الشيء إذا كان مجاورا له أو منه بسبب. والنظر يصح من واحد
والجدل لا يصح إلا من اثنين. وهو مأخوذ من الشدة والصلابة؛ ومنه يقال للصقر:
"أجدل " وللأرض: "الجدالة ". وهو طريق يتوصل به إلى العلم. ومن الناس منغال:
"إن النظر لا يفيد العلم ". وسنتكلم على ذلك في باب الكلام على القياس -إن
شاء الله تعالى! - غير أن الدليل ها هنا على الاختصار. نقول: إنا نجد أنفسنا إذا
فكرنا في الشيء ونظرنا فيه يقع لنا العلم بما نلتمسه ونبتغيه [4 ظ]. ولو لم يكن النظر
طريقا موصلا إلى العلم لما حصل لنا المقصود به.
15 - وإنما يحصل العلم بالنظر بثلاثة شروط:
- احدها: أن يكون الناظر كامل الالة، وهو أن يعرف طريق الأحكام الشرعية (1)
وكيفية ترتيب الأدلة بعضها على بعض، لأنه إذا لم يكن كامل الالة لم يحصل من نظره
وإن طال الفكر؛ وإن أصاب الحكم لم يكن ذلك إصابة أفادها (2) النظر، وإنما
يكون على سبيل الاتفاق، بمنزلة الأعمى إذا كان له حدقتان صحيحتان غير أنه لا نور
فيهما، فإنه ولوقلب بصره مهما قلب لا يدرك شيئا لعدم الالة التى يتوصل بها إلى
__________
15 - (1) في الأصل: الشريعة.
(2) في الأصل: افادتها.
for

الصفحة 153