كتاب شرح اللمع

- باب بيان الفقه وأصول الفقه-
22 - والفقه في اللغة ما دق وغمض؛ ومنه يقال: " فقهت معنى كلامك " لأنه قد
يدق ويغمض. ولا يقال: "ففهت أن السماء فوقي والأرض تحتي وأن الماء رطب
ؤالتراب يابس ". ومنه يقال: "فلان فقيه في الخير فقيه في الشر" إذا كان يدقق النظر
في ذلك. وكانت الشعراء في الجاهلية يسمون فقهاء لإدراكهم المعاني الغامضة في
أشعارهم وما يجري في كلامهم من الحكم الخفية التي لا يدركها غيرهم.
قال الشيخ [الشيرازي]- رحمه الله!: حتى رأيتهم قد ذكروا في أشعارهم نظير
ما نذكره في الأحكام. وذلك أنا نذكر في الشرع قياس الدلالة فيبين الدليل على
الحكم ولا نذكر العلة [6 و]، فوجدتهم يقصدون المدح غلى الشيء فلا يصرحون به
بل يذكرون ما يدل عليه. وقد ذكر ذلك أهل اللغة ويسمونه الردف. من ذلك قول
زهير (1) يمدح هرما [البسيط]:
فد جعل المبتغون الخير في هرم والسائلون إلى أبوابه طرقا (2
قصد بذلك مدحه بالسخاء والجود فلم يصرح به وأنه سخي جواد، بل اقتصر
على ذكر ما هو دليل عليه وهو كثرة ترددهم إلى أبوابه. وكان ذلك أبلغ في المدح
وأحسن في الكلام من التصريح به. وكذلك يقول الآخر يصف (3) امرأة بطول العنق،
__________
22 - (1) انظر التعليقات على الأعلام.
(2) ذكر الشيرازي هذا البيت في الفقرة.94 مع شيء من الاختلاف.
(3) في الأصل: ولصص.
657

الصفحة 157