كتاب شرح اللمع

والتمتع بها على عهد سلطان واحد بل أكثر من ذلك على عهد سلاطين متعاقبين، وهو
في هذا متجنب لمخاطر السلطنة. وقد نجح نظام الملك النجاح الأوفر، حيث أخفق
الكندري على عهد سيمأفى بن طغرلبك (ذ حاول الاستحواذ على السلطة العليا
فلم يحظ الا بتوبيخ ولهلامة ثم تعنيف من أخيه وخلفه ألب أرسلان (1).
والحقيقة أن الحظ السعيد أسعف عبقرية نظام الملك وإتقانه لفن السياسة.
فالسنوات العشر التي قضاها على عهد ألب أرسلان قد أفسحت له المجال ومكنته من
أسباب النجاج في مساعيه التي قام بها على عهد خلفه، وهي مساع رافقها الكثير من
الاغتيالات والدسائس والمؤامرات (2).
ويمكن القيرل إن هذا الحظ أسعف نظام الملك حتى سنة 86/ 479. 1 فقط؛
ففي هذه السنة وفق ملك شاه في القضاء على كل منافسيه في السلطنة من الأمراء
وتمكن من دخول بغداد لأول مرة وذلك بعد أربعة عشر عاما من تسلمه عهد
الخليفة. وقبل هذه السنة تعرض نظام الملك إلى العديد من المؤامرات حاكها له كبار
الموظفين في الدولة يشجعهم فيها ما يرون من مصلحة ملك شاه في القضاء علرا وزير
استبد بالسلطة العليا دون سلطانه. إلا أن السلطان ما كان ليستجيب لنداء المتا 4 هين
وهو في اشد الحاجة إلى دهاء نظام الملك للقضاء على منافسيه. ثم إن نظام الملك
بفضل جهاز الجوسسة الخاضع له كان يتفطن لهذه الدسائس والمؤامرات ويحسن
القضاء عليها بمساعدة سلطانه بعد ان يكون قد أغراه بالمال الوفير. ومن أعداء نظام
الملك تجدر الإشارة إلى تاج الملك المزاحم والند والذي كان يعد نفسه لخلافته في
الوزارة إن استطاع القضاء عليه. وهو الذي أسس التاجية في بغداد وهي مدرسة كان
يريد من تاسيسها مزاحمة النظامية في الميدان السياسي (3).
حتى إذا اقبلت سنة 92/ 485. 1 قتل نظام الملك. ومن المستفيدين من قتله
ملك شاه إذ كان يريد مصادرة املاكه الشاسعة وأمواله الوفيرة؛ وكذلك تاج الملك
__________
(1) المصدر المذكور ص 130 - 131. بل ان الب ارسلان امر بقتل الكندري سنة 457/ 065 1،
ولعل ذلك كان بإيعاز من نظام الملك.
(2) المصدر المذكور ص 131.
(3) المصدر المذكور ص 131 - 138.
17

الصفحة 17