المتفقين بأن يقول: "إذا أحدثت [13 ظ] فتوضا" يريد بذلك البول والغاثط؛ وكذلك
اللمس جاز أن يريد به الجماع واللمس باليد؛ ولأن المنع من حمله عليهما لا يخلو
إما أن يكون لاستحالة اجتماعهما في الإرادة كاستحالة اجتماع العموم والخصوص
والإيجاب والإسقاط، أو لعدم صلاح اللفظ لهما؛ فلا يجوز أن يكون ذلك لاستحالة
اجتماعهما في الإرادة لأنه غير مستحيل أن يريد باللمس اللمس باليد والجماع
وبالقر [ء] الطهر والحيض؛ ولهذا يصح التصريح بهما؛ ولا يجوز أن يكون بغيرهما
لأن اللفظ لا يصلح لهما لأن اللفظ صالح لهما إما على سبيل الحقيقة أو على سبيل
المجاز؛ فلم يبق إلا جواز ذلك.
44 - واحتج المخالف بأن المرجع في اللغة إلى أهل اللغة ولا تعرف أرباب
اللغة يستعملون اللفظ الواحد في المعنيين المختلفين فيكون على سبيل الجمع
صريحا في أحدهما كناية في الاخر، حقيقة في أحدهما مجازأ في الآخر؛ فلا يجوز
حمل اللفظ إلا على ما يستعملونه.
فالجواب أنا لا نسلم أنهم لا يستعملون ذلك، بل ذلك شائع في استعمالهم؛
ألا ترى أنهم لو قالوا: "لا تلمس امراتك" عقل من ذلك الجماع واللمس باليد؟ وإذا
كان في النفي يتناول الجميع فكذلك في الإثبات.
وجواب آخر أنه إذا لم يكن قد سمع من العرب استعمال ذلك ف! نا نقيس عليه
إذا عرفنا المعنى لأن إتبات الأسماء عندنا بالقياس جائز فلا يفتقر إلى السماع، بل
تكفي معرفة وجود المعنى الذي وضعت التسمية له. فإذا كان اللفظ موضوعا [14 و]
للمعنيين وقد اجتمعا حملنا اللفظ عليهما كما صح حمله على أحدهما لوجوده؛
وكذلك جاز حمله عليهما لوجودهما.
45 - قالوا: لو جاز أن يراد باللفظ الواحد معنيان مختلفان (1) لجاز أن يراد
باللفظ الواحد التفخيم والتحقير وتقول: "أي شيء يحسن فلان؟ إ" فإنه يستعمل في-
التعظيم على سبيل التعجب والاستكثار لعلمه، ويستعمل في التحقير على سبيل
__________
45 - (1) في الأصل مذلقان.
178