لعمري لقد جزئتكم فوجدتكم قباح الوجوه سبئء العذرات
وأراد العتبات.
وكذلك الدابة في اللغة اسم لكل ما دب، ولهذا يقال: الدب (2) من دب ودرح
ثم كثر استعماله في الخيل. ولهذا قال الشافعي إذا اوصى لرجل بدابة: "اعطي احد
ثلاثة أشياء: الفرس أو البغل أو الحمار". قال اصحابنا: "إنما قال الشافعي
- رحمه الله! - ذلك على عادة أهل مصر لأنهم يطلقون اسم الدابة على هذه الثلاثة في
عرفهم. فأما غيرها من الأمصار فلا يستعملون الدابة إلا في الخيل خاصة، والوصية
محمولة على العرف. فإذا ورد الشرع بهذا اللفظ مطلقا فإنه يحمل على ما استعمل
فيه في العرف دون ما وضع له في اللغة؛ وإنما كان كذلك لأن العرف طار [ىء] على
اللغة والناس يتبعون في الاستعمال الطارىء ويقصدونه بإطلاق الكلام ويتركون
القديم.
48 - وإنما يحمل اللفظ على هذا [ه 1 و] العرف بشرط، وهوأن يكون هذا العرف
قائما في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وموجودا قبله. فأما عرف حدث بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
واصطلح الناس على استعمال اللفظ في ما بينهم فيه فإنه لا يجوز حمل خطاب الله
- عز وجل! - عليه وخطاب رسوله - صلى الله عليه وسلم - وإنما قلنا ذلك لأنا نريد أن نعرف مراد الله
- عز وجل! - ومراد رسوله - صلى الله عليه وسلم - في خطابهما، ولا يمكن معرفة مرادهما بالكلام إلا
من عرف كان قائما موجودا عند ورود الخطاب فنعلم أنه قصد بإطلاق الكلام ما
يقتضيه ذلك العرف.
فأما عرف حدث بعده فإنه لا يجوز أن يتعرف منه مراد رسول الله --لمجم! ر! -.لأنه
لم يكن موجودا في زمانه. وهذا كقولنا في علة الربا: إنها الطعم، فاستدللنا على ذلك
بحديث معمر بن عبدالله (1) أن رسول الله -يكنه ا - نهى عن بيع الطعام بالطعام إلا
مثـ[ـلا] بمثل (2)؛ والطعام اسم لكل ما يتطعم. فقالوا لنا: "الطعام اسم للحنطة
__________
(2) في الأصل: اذرب.
48 - (1) أنظر التعليقات على الأعلام.
(2) سياًتي تخريج الحديث في البيان.2 من الفقرة 936.
180