كتاب شرح اللمع

خدم المذهب طغرلبك ووزيره عميد الملك الكندري الذي كان يهدف إلى أن يجعل
من المذهب الحنفي المذهب الرسمي للدولة (1). وكانت هذه سياسة الكندري الدائبة
طيلة توئيه الوزارة من سنة 1054/ 445 إلى سنة مقتله 65/ 457. 1. وقبيل دخول
السلاجقة إلى بغداد، أي 445/ 1054، حمل سلطانه طغرلبك على أن يدفع الوعاظ
والخطباء إلى لعن أبي الحسن الأشعري فتهما إياه بالقول في الصفات بخلاف ما
يقوله أهل السنة والجماعة. وكان هذا سببا في هجرة عدد كبير من أشاعرة نيسابور
منهم أبو بكر البيهقي (-1066/ 458) وأبو القاسم القشيري (1573/ 465) وأبو
المعالي الجويني (478/ 1085).
ولقد تساءل المؤرخون عن سبب هذا العمل، ونقل هنري لاووست بعض
آرائهم. ونستخلص منها تعصب الوزير لمذهب أبي حنيفة تعصبا أداه إلى جعله
المذهب الطاغي على كل المذاهب السنية الأخرى وخاصة المذهب الشافعي لأنه
كان المذهب الوحيد القادر على مزاحمته؛ وقد زاحمه بالفعل بفضل براعة نظام
الملك، كما سنرى ذلك بعد قليل. فإذ صعب عليه مقاومة الثافعي حاول النيل منه
عن طريق الأشعري وهو صاحب عقيدة الثافعية؛ والطريق أسهل خاصة أن الحنابلة
ببغداد كثر وهم باقون على عقيدة السلف، عقيدة ابن حنبل البعيدة كل البعد عن
العقيدة الأشعرية المعروفة بنزعتها الذهنية والجدلية، فتسهل إثارة حماسهم بلعن
الأشعري (2).
2 - المذهب المالكي:
هو مذهب أقلية في العراق لأن أشهر ممثليه في هذا العصر يعيشون إما
بالمغرب، أو بالأندلس كأبي الوليد الباجي (- 474/ 81. 1) الذي عاش ببغداد ثلاث
سنوات لطلب الفقه، أصولا وفروعا وجدلا لدى الحنفية والثافعية، قبل قفوله راجعا
إلى شرق الأندلس في 47/ 439. 1. ومن نذكر منهم هو أبو محمد عبد الوهاب بن
__________
(1) جورح مقدسي في المصدر المذكور ص 274 - 276.
(2) انظر هنري لاووست في بحثه عن الماوردي ص 54 - 55.

الصفحة 20