كتاب شرح اللمع

اهتمامه بالعقيدة الأشعرية. ثم انه أسس النظامية في نيسابور وأقام على إدارتها أبا
المعالي الجويني وقصد من تاسيسها إلى تدريس الفقه على المذهب الشافعي (1).
وكذلك أسس نظامية بغداد فبناها على شاطىء دجلة لأبي إسحاق الشيرازي، كما
يؤكد ذلك المؤرخ السبكي (2). وقد بدأت الأشغال في بغداد سنة 1065/ 457
وانتهت بعد سنتين من ذلك. وحرص نظام الملك على إيقاف أملاك هامة على
المدرسة حتى تسد كل حاجياتها وتنفق على شيوخها وطلابها.
وأقيمت احتفالات فخمة لتدشين النظامية؛ وكان من المقرر أن يلقي الشيرازي
الدرس الافتتاحي وينتصب أستاذا بالمدرسة. ولكنه تمنع من ذلك فخلفه في التدشين
منافسه ابن الصباغ وانتصب للتدريس مكانه عشرين يوما. ولا نعلم بالضبط سبب هذا
الرفض فيحتمل أن يكون الورع الشديد الذي عرف به هو الذي حمله على هذا
السلوك إذ هو نفسه عفله بعدم شرعية اقتناء الأرض التي بنيت عليها المدرسة (3).
وذهب جورج مقدسي إلى أن الشيرازي تحرج من احتكار المنصب الوحيد في
النظامية لتدريس العقيدة الأشعرية، عقيدة نظام الملك بينما كان هو بعيدا عن
اعتناقها (4). أما هنري لاووست فيذهب إلى أن الوزير السلجوقي كان يعلم بعد
الشيرازي عن عقيدة الأشاعرة وأنه لم يكن يقصد منه تدريسها وإنما كان ينتظر
منه فقط تدريس الفقه على المذهب الشافعي (5).
وعلى كل فقد رجع الشيرازي عن رفضه بعد عشرين يوما من تاريخ التدشين
وألقى أول دروسه في ذي الحجة من سنة 459؛ وكان ذلك عن رضى منه على
الأرجح، وإن كان بعض المؤرخين يرجع سبب هذا التغير إلى سلوك طلاب الشيرازي
الذين هددوا شيخهم بحضور دروس ابن الصباغ إن هو تمادى في امتناعه (6). وظل
__________
(1) هنري لاووست في سياسة الغزالي ص 27 - 28، والنحل في الإسلام ص 189.
(2) طبقات الشافعية ح 4، ص 218. .
(3) النحل في الإسلام ص 189 وسياسة الغزالي ص 39 - 31.
(4) جورح مقدسي في المصدر المذكور ص 356.
(5) سياسة الغزالي لهنري لاووست ص 31.
(6) مقال الشيرازي من [. (.! تأليف هفنينق Shirazi: Heffening .
22

الصفحة 22