كتاب شرح اللمع

لاووست أن نظام الملك، خلافا لما ذكره المؤرخون السنيون، ليس أول من فكر في
تدعيم دعوته لحماية الإسلام بالاعتماد على مدارس يوقف عليها أملاكا ذات أهمية
تسد مداخيلها حاجيات الأساتذة والطلاب. ويذكر بهذا الصدد بتأسيس دار العلم التي
أنشأها سابور بن أردشير قي بغداد سنة 993/ 383 لتدعيم الدعوة الشيعية (1)
كمما يدكر بما قام به الخليفة المتوكل إذ قاوم أهل الاعتزال والتشيع وأحى السنة
بترتيب أصحاب الحديث في المساجد ينقضون معتقداتهم في شرحهم للأحاديث
النبوية (2).
ولا يفوتنا التعريج على نشاط نظام الملك كمؤلف في الأحكام السلطانية أو
مشجع على تأليفها؛ فالجوتني أهداه كتابه غياث الأمم (3) الذي استوحاه من كتاب
الأحكام السلطانية للماوردي والوزير ذاته ألف رسالته المشهورة سياسة نامه بطلب
من السلطان ملك شاه، وقد شرع في تأليفها حوالى سنة 1086/ 478 وأتمها في
السنة الموالية، وقد شفر فيها بخطر الدعوة الباطنية الإسماعيلية ودعا إلى تعاون وثيق
بين الخلافة العباسية والسلطنة السلجوقية ونئه إلى خطر جيش العلماء والفقراء العتيد
المجند لحماية الدين والدنيا (4).
4 - المذهب الحنبلي:
أحسن من يمثله في هذا القرن الخامس للهجرة القاضي أبو يعلى
(-66/ 458. 1)؛ واليه يرجع فضل تنظيم صفوف الحنابلة في هذا العصر؛ وقد تولى
قضاء الحريم في حي قصر الخليفة القائم ولكنه لم يقبل الخطة إلا بعد إلحاح من
الوزير ابن المسلمة. ونذكر كذلك الشريف أبا جعفر (- 75 77/ 4. 1) الذي اشتهر
بتعصبه لعقيدة أحمد بن حبل وبتحمسه في مقاومة البدع وملاحقة المعتزلة والأشاعرة
ومكافحة فساد الأخلاق. و إن اشترك معه الشيرازي في حملته الأخلاقية التي شنها
(1) أنظر حديثنا عن دار العلم في منتصف الفصل الذي بحثنا فيه عن الخليفة السني وصراعه مع
السلطان البويهي الشيعي.
(2) سياسة الغزالي ص 30.
(3) قام محمد حميدالله بتحقيقه منذ ما يقرب من العشرين سنة، ولا نعلم إن صدر الكتاب أم لا!.
(4) سياسة الغزالي ص 27 - 29.
24

الصفحة 24