وعقيدتها. ويلاحظ جورح مقدسي أن الشيرازي إذ قبل منصبه الجديد في المدرسة
اصبح عرضة لتأئير هذه الشخصية وانه قي الحقيقة لم يكن في بداية الأمر يرغب في
أن ينصب النظامية منبرا للعقيدة الأشعرية وان هي إلا قوة ضغط نظام الملك التي
جرته شيئا فشيئا إلى الانسياق في طريق هذه الدعوة (1).
ولعل ما كان يمتاز به الشيرازي من ورع واعتدال وحسن سلوك وجميل معاشرة
قد هذب هذا الانسياق وقئده ولالف من حدته فجنبه عواقبه. إلا ان الأمر أصبح على
خلاف هذا لفا وجد نفسه أمام زائر كابن القشيري لا يعرف الاعتدال في الدعوة
الأشعرية؛ وتأزم الوضع (ذ كان نظام الملك نفسه هو الذي بعث به الى النظامية في
بغداد ليستقبل فيها كأستاذ أشعري وكضيف على المدرسة؛ وسرعان ما تثور ثاثرة
الحنابلة من خطب الزاثر ودروسه فيتهمونه بنصرة الأشاعرة وبالعمل على دحض
معتقداتهم؛ وهكذا يستغلون فرصة إلقاثه خطبة في النظامية ويشعلون نار الفتنة في
1077/ 469.
وحاول الشيرازي الدفاع عن ابن القشيري يؤتده في دفاعه أبو سعد الصوفي.
كما حاول الأشاعرة تجنيد الرأي العام لجانبهم بتنظيم مجالس عمومية يعلن فيها
مجموعة من أهل الذمة إسلامهم بعد إقرارهم باقتناعهم بما سمعوه من الأشاعرة. ولم
تفد هذه المجالس شيئا (ذ كان الحنابلة وعلى رأسهم الشريف أبو جعفر يسخرون من
منظميها ويعلنون في أسواق بغداد أن ذلك إسلام عن رشوة لا عن اقتناع وهداية.
ونجحت هذه المساعي إلى حد أن الشيرازي لم يجد بدا من رفع شكواه الى نظام
__________
(1) المصدر المذكور ص 354. ولكي يستدل على قوة هذا الضغط ينقل حوارا جرى بين الشيرازي
والشريف أبي جعفر بحضور الوزير ابن جهير الذي كلفه الخليفة العباسي بإيقاف تيار الفتن بين
الأشاعرة والحنابلة؛ قال الئرازي لأبي جعفر بعد أن قبل رأسه: "هن! كتبي في أصول الفقه
التي أعارض فيها الأضاعرة". المصدر المذكور ص 362.
ولعل هذه الحادثة هي التي دفعت بالحنابلة الى أن يشيعوا أن الشيرازي تبرأ من مذهب
الأشعري. وقد أثارت هذه الإضاعة غضب الشيرازي الشديد "غضبا لم يصل أحد الى تسكينه"
حسب عبارة السبكي في طبقات الئانعية ج 4، ص 235.
ولنا عودة الى هذه النقطة في حديثنا عن عقيدة السلف ضمن مؤلفات الشيرازي.
39