كتاب شرح اللمع

الملك ومن الاستنجاد به ضد الحنابلة، وذلك في كتاب سلمه وفدا بعث به الى
نيسابور (1)؛ وينقل السبكي أن الشيرازي كان فيه "يشكو الحنابلة ويذكر ما فعلوه من
الفتن وأن ذلك من عادتهم وسأله المعونة " (2).
وقبل رجوع الوفد شهدت بغداد فتنة جديدة اشتعلت إثر خطبة ألقاها ابن
القشيري في النظامية عقبها مجلس انتظم بها وأعلن فيه يهودي إسلامه ثم طيف به في
شوارع المدينة وأسواقها لعرضه على جماهيرها الشعبية. وأثناء هذا الطواف هجم
الأشاعرة على منزل الشريف أبي جعفر الذي علم بمقدمهم وكان لهم بالمرصاد في
مسجده؛ وانتهى التصادم بانهزام الأشاعرة وموت واحد منهم وجرح عدد من
الآخرين؛ وفز المنهزمون واحتموا بالنظامية وأغلقوا أبوابها؛ ووضع الخليفة العباسي
الشريف أبا جعفر في قصره تحت حمايته لا يسمح له بمغادرته (3).
وازاء هذه الهزيمة يئس الشيرازي وهدد بمغادرة بغداد بمعية أنصاره.
واستطاع الخليفة أن يثنيه عن عزمه وسمح لابن القشيري بإلقاء خطبتين أو ثلاث في
مسجد القصر وعزز حمايته بحراسة جنود مسلحة. ودفع الوضع الجديد الحنابلة الى
تغيير أسلوبهم؛ وهكذا وبينما كان ابن القشيري يلقي خطبته في صفات الله كما يراها
الأشاعرة شرع قارىء أعمى يتلو بصوت مسموع ايات من القرآن فيها ذكر لتكليم الله
لموسى ولكشف الساق ولوجه الرث ذي الجلال والإكرام. وشكا ابن القشيري أمره
الى وزير الخليفة ابن جهير فسجن القارىء واحتدت الفتنة في الأسواق بين
الطرفين (4).
ورجع الوفد بعد شهر من رحيله من بغداد يحمل اليها رد نظام الملك في
رسالتين إحداهما لابن جهير الأب والأخرى للإبن، يطالب فيهما بإلحاح بالكف عن
الطعن في مدرسته النظامية. وجمع الوزير ابن جهير الشيرازفي والشريف أبا جعفر في
__________
(1) المصدر المذكور ص 356.
(2) طبقات الشافعية ج 4، ص 235.
(3) جورح مقدسي في المصدر المذكور ص 357 - 358.
(4) المصدر المذكور ص 358.
40

الصفحة 40