مجلس انعقد بحضرته بإذن من الخليفة عبر فيه عن رغبته في إيقاف الفتنة، وأظهر
الشيرازي استعداده للتصالح وبئن للشريف معارضته للأشعرية مبرهنا عنها بكتبه في
أصول الفقه وقبل رأسه علامة المصالحة (1).
ومنع الخليفة العباسي أبا جعفر من استقبال زاثريه. ومرض أبو جعفر ولم
يسمح له الخليفة بمغادرة القصر إلا عندما أشرف على الهلاك، إذ كان يخشى فيه
توعد نظام الملك وتهديده (ياه؛ ولعله مات مسموما. ورجا الخليفة نظام الملك أ ن
يامر بإخراح ابن القشيري من إبغداد؛ ولعله لم يغادرها إلا بعد موت الشريف أبي
جعفر. وهكذا هدأت الفتنة ولكن لتشتعل من جديد في السنة نفسها 70 4 بعد سبعة أشهر
من وفاة الشريف وثمانية أشهر من ورود رسالة نظام الملك الأولى الى ابن جهير (2).
والسبب فيها رسالة الوزير السلجوقي الثانية التي يتبين فمها "أنه لا يمكن تغيير
المذاهب ولا نقل أهلها عنها" ويصرج فيها بان "الغالب على تلك الناحية مذهب
أحمد" وبان "محله معروف عند الأئمة وقدره معلوم في السنّة " (3 (.
وسر الحنابلة بهذه الرسالة التي ألهبت حماسهم من جديد بينما تضايقت
الأوساط المنازعة أشد الضيق وتظاهرت معبرة عن سخطها. وكادت جماعة من طلبة
النظامية يقودهم الطالب الإسكن! راني يحدثون فتنة في سوق يعرف بالثلاثاء لشدة ما-
حزضوا الأشاعرة وغذوا حماسهم؛ وحدث الصدام والنهب في السوق وامتد الصراع
حتى سوق النظامية؛ وخاف مؤتد الملك بن نظام الملك على قصره من النهب
فاستنجد بالخليفة فهبت جيوشه لحسم الصراع فسقط من الثاثرين عشرة؛ وسميت الفتنة
بقضية الإسكندراني، أي باسم الطالب الذي أثارها مع رفاقه.
وكان رد فعل نظام الملك لبقا مرنا فيه صرامة ولين وشدة ومهادنة حيال الخليفة
العباسي والحنابلة الذين كانوا القوة الغالبة في مدينة السلام لكثرتهم وتعصبهم
لمذهبهم وحسن تنظيمهم. وارتاع الشافعية الأشاعرة في بغداد من هذا الموقف فحرر
سبعة من فقهائهم يتقدمهم الشيرازي عريضة وجهوها إلى نظام الملك فيها تهجم على
__________
(1) المصدر المذكور ص 358 - 362.
(2) المصدر المذكور ص 364 - 366.
(3) السبكي في طبقات الشافعية ج 4، ص 235.
41