الحنابلة الحشوتة المتهمين بلعنهم الإمام الشافعي في بغداد وفي كل مكان وفي كل
مناسبة، وفيها تشك من طعن الحنابلة في عقيدة الشافعية. وفي ذيل العريضة إمضاء.
كل من الفقهاء وشهادة شخصية من كل واحد منهم يشهد فيها بصحة عقيدة ابن القشيري
وبقدرته على اقناع المشبهة من العامة ثم اليهود ثم النصارى وتبصيرهم بالصواب
وباعتناق الدين الحق. وفي العريضة بيان لمقصدها أي طلب معونة الوزير السلجوقي
وتبيان لواجبه في تسليط العقاب الشديد على الحنابلة (1).
وأجاب نظام الملك على العريضة وبعث إلى الشيرازي برده ليؤكد له تجنب
سياسة السلطة الانحياز الى جانب دون آخر من عقائد أهل السنّة وليذكره بالغرض
الذي من أجله بنيت النظامية، أي شد أزر رجال الدين لا العمل علكل إدخال الخلاف
- والشقاق في صفوفهم؛ وفي الرد أيضا توعد بإغلاق النظامية ان هي اريد منها تحقيق
أغراض اخرى غير التي ذكر، وفيه كذلك إعلان باستحالة تغيير أي شيء من عقائد
أصحاب مذهب مشي في مثل أهمية مذهب الإمام ابن حنبل الغالب على أهل بغداد؛
وفيه أخيرا تقرير أن الشيرازي رجل طيب السريرة لكن سريع الانقياد لمن دعاه كما
تدل عليه رسائله السابقة والعديدة في شأن الحنابلة (2).
وفي سنة 1083/ 475 نشبت فتنة جديدة لا فائدة في تفصيل القول فيها لأن
الشيرازي لم يكن طرفا فيها أو ضحية لها و إن كان ميدانها النظامية؛ وخلاصتها أنه بأمر
من ديوان الخليفة العباسي توقف نشاط الوعاظ في الفترة التي عقبت فتنة ابن القشيري
فلم يسمح لهم من جديد بالعودة إلى نشاطهم الدعائي إلا سنة 473. ولكن هذا لم
يعكر صفو الحياة ببغداد؛ حتى إذا كانت سنة 475 أقبل على مدينة السلام واعظ
أشعري اسمه البكري يحمل اذنا من نظام الملك بعقد مجالس نظر بالنظامية
وبالخوض في عقيدة الأشاعرة.
وسرعان ما تحركت الأوساط المعادية للأشعرية والنظامية؛ وينقل سبط بن
الجوزي صاحب مراة الزمان التهمة التي ألصقت بالنظامية ونصها: " إن هذه المدرسة
__________
(1) جورج مقدسي في المصدر المذكو1 ص 366 - 370.
(2) المصدر المذكور ص 370 - 371.
II