ذلك بين خليفة وسلطان ووزير وعالم وعامة الناس. ويذكر السبكي أن الخليفة
المقتدي بأمر الله كان "كبير الإجلال للشيخ أبي إسحاق " (1). وقد طلب منه الخروج
إلى السلطان السلجوقي ووزيره نظام الملك لإبلاغهما شكوى الأهالي من العميد أبي
الفتح بن أبي الليث، فخرج إليهما وكان مصحوبا بفخر الإسلام الشاشي والحسين بن
علي الطبري صاحب العدة وأبي الحسن الآمدي (2) وغيرهم. كما يذكر السبكي نجاج
المهمة التي بعثه فيها هذا الخليفة إلى السلطان السلجوقي ملك شاه حتى يتم عقد
الزواج بين ابنته وبين ابن الخليفة (3).
الشيرازي الفقيه المجادل
وأما الثناء الأكبر فيخص به السبكي الشيرازي المجادل في الفقه فروعا
واصولا. وهو جدير بهذا الثناء سواء في مجالس المجادلة أو في حلقات الدرس أوفي
مؤلفاته ومنها الملخص في الجدل والمعونة في الجدل وخاصة كتابنا هذا الذي نحققه
ونقدمه إلى القراء، الوصول إلى مسائل الأصول أو شرح اللمع .. يقول عنه المؤرخ
الشافعي: "وأما الجدل فكان ملكه الآخذ بزمامه وإمامه إذا أتى كل واحد بإمامه وبدر
__________
= طاهر بن يحيى: "وكان مع الزهد المتين والورع الشديد طلق الوجه دائم البشر حسن المجالسة
مليح المحاورة يحكي الحكايات الحسنة والأشعار المليحة ويحفظ منها كثيرا".
وقال عنه احسان عباس في مقدمته لتحقيق طبقات الشافعية للشيرازي (ص 16): أكان نحيفا
دقيق الجسم ذكيا قوي الحافظة ثؤوبا على الدرس والتحصيل، متقللا قشفأ في مطعمه وملبسه
قانعا باليسير صابرا على الفقر".
ولقد استوحى هذه الصورة من النوادر التي تروى في حقه وكذلد ولا شك مما قيل فيه من
شعر كهذين البيتين لعاصم بن الحسن، أحد شعراء بغداد؟ وقد أوردهما مع الإحالة على
مصادرهما م. ي. اخندجان نيازي في كتابه المذكور آنفا (ص 62):
تراه من الذكاء نحيف جسم عليه من توقده دليل
اذا كان الفتى ضخم المعالي فليس يضره الجسم النحيل
(الكامل)
(1) السبكي في طبقات الشافعية ج 4، ص 223.
(2) طبقات الشافعية ج 4، ص 220.
(3) السبكي في المصدر المذكور ج 4، ص 222.
47