كتاب شرح اللمع

ولنا واسع الأمل في أن يقبل علماء الإسلاميات والتشريع، بل الجمهور المثقف
من القراء ثقافة واسعة دون اختصاص في فننا هذا، على هذا الكتاب بمثل بل بأحسن
مما أقبلوا به من قبل، وإبان صدورهما، على الاحكام لابن حزم والمستصفى
للغزالي (1).
ومما يبعث في صدورنا الارتياح وفي نفوسنا النشاط أن نشهد الجهود المتواصلة
التي يبذلها، دون كلل أو توان، الباحثون المختصون في تحقيق مخطوطات أصول
الفقه. وعما قريب ولكن في آجال متفاوتة سوف يكون بين أيدي القراء كتب أخرى
أصولية ومهفة ودسمة للصيمري الحنفي والباجي المالكي (2) وأبي يعلى بن الفراء
وابن عقيل الحنبليين. وكلهم، كالشيرازي وابن حزم والغزالي، من رجال القرن
الخامس الهجري، سواء أنهم قضوا فيه كامل حياتهم أو فترة أساسية منها. وهذا
القرن كان فعلا سعيد الطالع في المشرق والمغرب الإسلاميين على الثقافة الإسلامية
عامة وعلى علم أصول الفقه بصورة خاصة.
وهل يجدر ينا أن نلح على أهمية كتب الأصول هذه؟ فالعالم الإسلامي
الحديث يعيش على رصيد من التراث الثقافي الباهر كان قد ساند في الماضي
حضارات قد بلغت الدرجة الرفيعة في التنوع والخصب والثراء. وهذا الرصيد، إ ذ
يساند اليوم حضاراتنا التي نحياها، يربطها بماضينا ويمكنها من عنصر ضمان لأصالتها
الحقيقية ولكن يقوم منها مقام الحافز حتى تتفتح أكثر فأكثر على القيم الحق لعالمنا
الحديث؛ وهو في هدا لا يتجاوز ما فعله بحضاراتنا في القرون الوسطى عندما فتح
عناصرها لما كان قائما انذاك من عظيم القيم.
ثم إن زعماء الإصلاح في العصر الحديث وابتداء من مطلع هذا القرن عندما
فكروا في إصلاح أوضاعنا التشريعية اهتموا بدراسة علم أصول الفقه، خاصة ما قدم
__________
(1) لم يمر على صدور الكتاب في أواخر 1979 إلا فترة قصيرة قد لا تصل إلى سنتين حتى نفدت
ثلاثة الآلاف من النسخ المطبوعة. ولكن يظهر أن التوزيع وان كان ناجعا وشاملا في مناطق
البلاد الجزائرية إلا أنه كان ضعيفا وقليل الجدوى خارجها.
(2) صدر عن دار الغرب الإسلامي ببيروت في مطلع 1987 تحقيقنا لكتاب احكام الفصول في
احكام الأصول للباجي.

الصفحة 7