واردنا كذلك التركيز على هذا التاثير بالنظر للباجي على الأقل إذ اعتبرناه "التاثير
الوحيد الذي يمكن التحقيق منه" وذلك بالرجوع إلى "بعض عناصر المقارنة " المتاحة
لنا وفتئذ، أي الوصول أو شرح اللمع من جهة والمنهاج واحكام الفصول للباجي من
جهة أخرى.
وعندما نشرنا المنهاج محققاً في 1978 نظرنا مرة أخرى في قضية التاثير وأكدنا
ثانية ما سبق أن عبرنا عنه منذ خمس سنوات (9) وحاولنا بعد تحليل المنهاج أن نذهب
إلى أبعد من ذلك فكتبنا في تقديمنا للنص المحق مثيرين من جديد فضية الطرافة:
"فمما لا شك فيه أن المادة ليست جديدة! وأنى لها أن تكون كذلك؟ فالإحالات
المختلفة المتعددة على الأئمة المالكيين وغيرهم من أصحاب المذاهب السنية
الأخرى وخاصة على أستاذه أبي إسحاق الشيرازي في ما يخص مسائل القياس
والترجيحات (2) تقوم دليلا ناطقاً وبليغا على مقدار استقادة الباجي من سابقيه.
"إلا أن صياغة الكتاب على الطريقة الجدلية من تخطيط المادة وبنائها بناء لا
يتصور في غير كتاب جدل في أصول الفقه، ثم هذه الصناعة التي ضبط المؤلف
مصطلحاتها بالتحديد الدقيق (3)، والاتها المنطقية ومقاييسها الفنية التي عمل
بمقتضاها بدقة صارمة، ثم هذا البيان البالغ الذي توصل إليه بفضل التبوتب المحكم
والتجزئة المحللة والاستشهاد المنتقى، كل هذا يمثل طرافة المنهاج بل جانب الخلق
البكر منه.
"فإذا تجاوزنا كتاب الوصول - أو شرح اللمع - للشيرازي الذي يحتمل أ ن
يكون قد الف في فترة قريبة من فترة تأليف المنهاج - سابقة أو لاحقة! - وذلك لأنه
__________
(1) أنظر تعريب هذه المقدمة التي كتبت في الأصل بالفرنسية، في تمهيد تحقيقنا لإحكام الأصول
للباجي ص 5. 1 ثم ص 122 و 123. عن المنهاج و (حكام الفصول، أنظر قائمة المصادر
والمراجع.
(2) عدد الإحالات على الشيرازي 16؛ وفي هذين الميدانين بالذات تتقارب الآراء المالكية
والشافعية كثيرا.
(3) أكتبنا هذا- كما يعلم القارىء الكريم - قبل أن نقف على النسخة الكاملة - أو شبه الكاملة-
لشرح اللمع.
70