بعيد نوعاً ما من المنهاج (1 (من ناحية الصياغة الجدلية الفنية فلا يبقى من الكتب التي
وصلت إلينا والتي تمكن مقارنتها بكتاب الباجي هذا غير تاليف ابن عقيل المذكور منذ
قليل. فإذا افترضنا أن هذا الأصولي الحنبلي -الذي ولد في 1040/ 431، أ ي
ثلاثين سنة تقريباً بعد ميلاد الباجي، وتوفي أربعين سنة تقريبا بعد وفاته - قد ألف في
فترة قريبة من تأليف المنهاج كتبه في الجدل وخاصة رسالته المطبوعة والتي مر ذكرها،
فلا مناص من أن تحليل صناعة الجدل عند الحنبلي قد أتى جد مقتضب وسريع إلى
حد أنه لا يكاد يلفت النظر" (2 (.
هذا ما تيسر لنا كتابته قبل أن نطلع على الملخص في الجدل للشيرازي. ولم
يفت محققه م. ي. اخندجان نيازى أن يقيم هو أيضا مقارنة بين هذا الكتاب من جهة
وكتب أخرى من هذا الفن وأهمها المنهاج للباجي وكتاب الجدل لابن عقيل، وذلك
بالنظر إلى نتيجة المقارنة. وقد عقد لهذا الغرض المبحث الرابع (3) وهو من أهم
مباحث قسم الدراسة في الكتاب وأغزرها فائدة وأكثرها طرافة.
أما عن المنهاج فقد نظر المؤلف في ما يحويه من مسائل وفي طريقة ترتيبها
وأفام بينه وبين الملخص مقارنات دقيقة فوجد توافقا في كثير من الأحيان في المادة
ومنهج عرضها، كما وجد بينهما فروفا فضل القول فيها وحاول شرحها. والنتيجة التي
خرح بها هي أن الباجي تلميذ الشيرازي قد استفاد من علوم أستاذه في الأصول
والجدل وتأثر به في مؤلفاته (8 (.
أما عن كتاب الجدل فهو "وإن كان يختلف مع الملخص في ترتيبه العام وأمثلته
واختصاره وعدم ذكره لبعض الأبواب والفصول المذكورة في الملخص ومخالفته له في
بعض الآراء إلا أن ترتيب فصوله في الأبواب وتوافق بعض أمثلته معه وموافقته في أكثر
__________
(1) إلا أن نقط الشبه عديدة بين شرح اللمع و (حكام الفصول للباجي وخاصة في باب الإجماع،
وذلك في طريقة عرض الاحتجاجات للدفاع عن وجهة النظر، ومنهج الجدل المتبع مع
الخصم.
(2) أنظر من إحكام الفصول للباجي، تمهيدنا للتحقيق، ص 122 و 123.
(3) يقع هذا المبحث في الجزء الأول من النسخة المرقونة من ص 128 إلى 160.
(4) المصدر ذاته ص 132 إلى 141.
71