ولسنا نملك أي دليل لتعيين أيها كان، خاصة أن الشيرازي - كما تأكد لنا من اختلاف
النسخ للكتاب الواحد اختلافا يتضاءل أحيانا فلا يمس إلَّا حرفا أو كلمة ويعظم
أخرى فيشمل جملة بل حتى جملا شتى - لم يكن يكتبها بخط يده، وإنما كان يمليها
على طلابه، كما هو الشأن بالنظر إلى شرح اللمع وقد نئهنا عليه في إئانه (1). وكنا قد
افترضنا احتمال كتابة عقيدته التي اطلعنا على نسخة منها في باريس بعد سنة
1.77/ 469، سنة المصالحة، وذلك لأنه أولا لم يذكر للشريف أبي جعفر أية
عقيدة، ثم إن قراءة مخطوطة باريس لا تنبىء بأي تعلق أشعري، وأخيرا لأن المؤلف
كثيرا ما (يحيل في اللمع و الو! ول - أو شرح اللمع - و التبصرة (2) إلى أقوال للإمام
وأتباعه أليعئر عن مخالفته لها.
ولقد ازداد افتراضنا احتمالا لئا اطلعنا على النسخة الإسطنبولية من عقيدة
الشيرازي وهي أكمل من النسخة الباريسية؛ ذلك أننا نرى المؤلف في اخرها يدفع
عن نفسه تهمة اتباعه لعقيدة ابن حنبل، لا لأنه مقاوم لها فهي عقيدة أهل السلف وما
كانت لتبتعد عن عقيدة الأشعري كما يقدمها الشيرازي ويدافع عنها، ولكن الحجة
التي يقدمها هي أن "أحمد بن حنبل -رضي الله عنه! -لم يصنف كتابا في الأصول
ولم ينقل عنه في ذلك شيء أكثر من صبره على الضرب والحبس حين دعاه المعتزلة
إلى الموافقة في القول بخلق القرآن ولم يوافق ودعي إلى المناظرة فلم يناظر" (3).
فليس إذا إلا الجهلة الذين يقولون: "نحن شافعية الفرع حنبلية الأصل " فلا يعتد
بهم " (3).
ومما حدا بنا إلى التمسك بافتراضنا السابق أفي إلى تأخير تأليف العقيدة إلى ما
بعد جلسة المصالحة هو ما كتبه السبكي في طبقات الشافعية: "فلما وقع الصلح
__________
(1) انظر مثلا الفقرة 841 من شرح اللمع، فما ساقه الشيرازي في مخطوطة اسطنبول أكثر دقة
وتفصيلا من مخطوطة باريى؛ قل مثل ذلك عن الفقرة 941.
(2) أنظر في تحقيق الملخص للشيرازي (ج 1، ص 38 و 39، ب 1) تدقيق الإحالات في
التبصرة وهي ثملأتية عر موضعا ضالف فيها الأشعرية، وكذلك في اللمع حيث خالفها تسع
مرات، هذا بقطع النظر عن الوصول اوشرح اللمع حيث سبق ان ذكرنا خلافه لها في حديثنا
عن كتبه (عقيدة السلف).
(3) انظر في ما يلي نص ممعكد الشيرازي (مقتطفات تمثل كثر من النصف) ت 51.
76