كتاب شرح اللمع

وسكن الأمر أخذ الحنابلة يشيعون أن الشيخ أبا إسحاق تبرأ من مذهب الأشعري؛
فغضب الشيخ لذلك غضبا لم يصل أحد إلى تسكينه وكاتب نظام الملك (. . .)؛
فعاد جواب نظام الملك في سنة 470 إلى الشيخ باستجلاب خاطره وتعظيمه والأمر
بالانتقام من الذين أثاروا الفتنة " (1).
وما دمنا بصدد الاستدلال على افتراض احتمال كتابة عقيدة الشيرازي بعد
محاولة المصالحة في 469 التي استعرضنا بعض حوادثها فلا بأس من أن نشير إلى
رسالة ثانية بعث بها نظام الملك في السنة 70 I ذاتها يبين فيها "أنه لا يمكن تغيير
المذاهب ولا نقل أهلها عنها" (2) وأن " الغالب على تلك الناحية مذهب أحمد" (2) وأن
"محله معروف عند الأئمة وقدره معلوم في السنة " (2)، حسب ما نقله السبكي وذكرناه في
التمهيد السابق. والمهم هو نتيجة بعث هذه الرسالة إلى بغداد، فلقد سربها الحنابلة
فألهبت حماسهم بينما تضايق بها أشد التضايق خصومهم من الأشاعرة. وحدثت فتنة
جديدة سميت بقضية الإسكندراني وهو اسم الطالب الأشعري بالنظامية الذي أثارها مع
رفاقه. وإزاء موقف نظام الملك الذي كان يظهر في مثل هذه المواقف الصرامة واللين
والشدة والمهادنة إزاء الخليفة العباسي والحنابلة ارتاع الشافعية الأشاعرة في بغداد
فحرر سبعة من فقهائهم يتقدمهم الشيرازي عريضة وجهوها إلى نظام الملك فيها
تهخم على الحنابلة الحشوية المتهمين بلعنهم الإمام الشافعي في بغداد وفي كل
مكان وفي كل مناسبة، وفيها تشك من طعن الحنابلة في عقيدة الشافعية. وقد سبق
لنا أن فصلنا القول في هذا في التمهيد الأول في حديثنا عن حياة الشيرازي.
واذا رجعنا إلى معتقد الشيرازي ألفينا الهدف ذاته أي الرد على الحشوتة الذين
يلعنون الشافعي والأشعري. فمنذ السطر الأول يعلن عن غرضه: "اما بعد فإني لفا رأيت
قوما ينتحلون العلم (. . .) ينسبون إلى أهل الحق ما لا يعتقدونه (. . .) لينفروا قلوب
العامة عن الميل إليهم وياًمرونهم أبدا بتكفيرهم ولعنهم أحببت أن اشير إلى بطلان ما
ينسب إليهم (. . .) " (3). وبعد أن قذم الشيرازي مختلف الأوجه من عقيدة الأشعري
__________
(1) طبقات الشافعية ح 4، ص 235.
(2) طبقات الشافعية ح 4، ص 235.
(3) انظر نص معتقد الشيرازي ف 1.
vv

الصفحة 77