مبيناً أنها عقيدة أهل الحق تساءل محتجا: "وهل في هذه الاعتقادات ما يجحده أحد
وشتنكف عنه عالم عابد الا ملحد دهري أو موهم حشوي؟ " (1).ويضيف إلى دفاعه
عن الأشعري دفاعا عن الشافعي فيذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنبأ به في الغيب كما عن
الأشعري (2). فكل هذا يوحي إلينا بالجؤ الذي كتب فيه الشيرازي العقيدة، وكانه جو
حوادث سنة 470.
كل ما ذكرناه هنا ملخصا - والتلخيص يكفي في نظرنا اذ قد فضلنا القول فيه في
التمهيد الأول لهذا الكتاب في كل من قسم الحياة الدينية وقسم حياة الشيرازي ثم
أحلنا القارىء الكريم الى ما بدا لنا كافيا من كتب المراجع والمصادر -كل هذا من
شأنه أن يقدم عناصر إجابة للأسثلة الثلاثة التي ألقيناها على أنفسنا في مطلع هذا
الفصل. فارتباط الحياة الدينية بالحياة السياسية ارتباط تأثير وتاثر من جهة، ثم اتصال
الشيرازي بنظام الملك في مستوى المذهب والعقيدة والحياة العملية، كل هذا جعله
عرضة لتهجمات رجال الخليفة العباسي، سواء منهم الوزير وأعوانه والشريف أبو
جعفر وأصحابه الحنابلة. وإذا ركزنا عنايتنا على حوادث سنة 9 4 l بصفة خاصة أمكن
لنا اذا تاريخ اثارة قضية عقيدة الشيرازي.
ثم اننا أضفنا الى كل ما سبق أن المؤلف لم يتمكن من تقديم عقيدة للدفاع عن
نفسه في مجلس المصالحة وإنما استشهد فقط بكتبه في أصول الفقه على خلافه مع
الأشاعرة أدركنا لماذا أثيرت القضية. والجدير بالملاحظة أن الفقهاء والمؤرخين الذين
أزخوا للشيرازي هم أيضا أثاروا القضية. وذلك دليل على أنه ألف عقيدة أشعرية ولا
شك - أو هكذا أرادها صاحبها وقد صرج بذلك في اخرها - إلَّا أنها أتت على حظ
عظيم من الاعتدال بحيث تفسح المجال للإثارة التي ذكرناها. وان قبل افتراضنا أنها
كتبت أثناء سنة 70 4 فمن المحتمل أن يكون الخوض في أشعريتها أو سلفيتها قد
انطلق من السنة نفسها ليستمر حتى يومنا هذا.
والحق يقال إن طبيعة العقيدة الأشعرية تغذي هذا النمط من الخوض وتوفر له
__________
(1) المصدر السابق ت 45.
(2) المصدر السابق ت 49.
VA