كتاب شرح اللمع

حجج عقلية ثم نقلية مستمدة من القران لا من السنة. ويذكر أيضا دفاعه عن الكلام
مخالفا في ذلك الحنابلة. ويذكر بأنه وإن اتفق مع أهل السنة في الدعوة إلى تنزيه الله
المطلق والقول بتعدد صفاته إلا أنه كان يحد من عددها تحديدا عقليا ويقصي منها
صفات النزول والاستواء أو صفات التجسيم. ويلاحظ أن الأشعري وإن قال
بالتفويض الخالص، أي تفويض العبد أمره إلى الله، إلا أنه كان يدعو إلى نوع من
التأويل محدود ولا شك ولكن قابل للتولمع. ثم إن الإمام وإن قال بقدم القران مؤكدا
تأييده للحنابلة ومعارضته للمعتزلة إلا أنه يحدد كلام الله تحديدا متأترا بالتصور
الاعتزالي فيرجعه إلى مجرد فكرة يكون القران في شكله المادي تعبيرا عنها مخلوقا،
بينما لا يرى الحنابلة في كلام الله !لا كلية لا تتجزأ عناصرها من معاني وكلمات
وحروف. ثم إن الإيمان في العقيدة الأشعرية هو قبل كل شيء تصديق بالقلب مما يقصي
لتعريفه اعتبار ما يقوم به الإنسان من أعمال ويعبر به من كلام ويقربه من قول المرجئة.
وفي قضية الإمامة فإن قال الأشعري بالمفاضلة بين الخلفاء الراشدين حسب ترتيبهم
في زمن تولي خلافتهم إلَّا أنه يبتعد عن ابن حنبل عندما يرفض ولاية المفضول. وكذلك
البيعة فهي عند الأشعري تكتفي باثنين من المسلمين قياسا على الشهادة في
النكاح.
هذه هي الأشعرية كما أرادها مؤسسها وكما قدمها هنري لاووست. وعندما
كتب ما كتب عن عقيدة الشيرازي فالظاهر أنه اعتمد على ما أتبته القدماء كالسبكي
وابن عساكر؛ ولعله اعتمد النسخة الباريسية من عقيدة أبي إسحاق إلا أنه لا يشير إليها
لا هو ولا تلميذه جورج مقدسي. وعلى كل فهي لا تدفع إلى إقصاء صاحبها عن
حظيرة السلفية. وسنرى بعد قليل أن النسخة الإسطنبولية توحي إلينا بتأكيد سلفية
الشيرازي ولا شك، كما توحي بالقول بنوع من الأشعرية قريب من عقيدة الإمام مع
محاولة إضافية للتقرب من جديد من عقيدة الحنابلة.
5 - وفعلاً فقد تحدثنا عنها في التمهيد الأول من هذا الكتاب (1) الذي حررناه
منذ إحدى عشرة سنة على أنها عقيدة السلف. وهذا هو بكل دقة عنوانها في النسخة
الباريسية. وهكذا ذكرها بروكلمان ومن قبله حاخي خليفة. وكتبنا عندئذ أن قراءتها
__________
(1) أنفر منه: كتب الشيرازي، رقم 4: عقيدة السلف.
Al

الصفحة 86