4 - فمن أنكر النظر والاستدلال لا يخلو إما أن ينكره بدليل أو بغير دليل أ و
بالتقليد؛ وإن أنكره بغير دليل لا يقبل منه، وإن أنكره بالتقليد فليس تقليد من قلده
بأولى من تقليدنا؛ وإن أنكره بدليل فهو النظر والاستدلال الذي أنكره. والمنكر لا
يزال بالمنكز. فبطل دعواه وثبت ما قلناه.
[في ان التقليد في معرفة الله لا يجوز]
5 - ثم يعتقدون أن التقليد في معرفة الله - عز وجل! - لا يجوز لأن التقليد قبول
قول الغير من يخير حجة. فقد ذم الله - تعالى ! - المقلد فقال: " قل اولو جئتكم
باهدى مفا وجدتم عليه اباءكم " (1) " بل قالوا: إنا وجدنا آباءنا على امة وانا على
اتارهم مقتدون " (2). ولأن المقلدين تتساوى (3) أقوالهم فليس بعضهم أولى من
بعض، ولا فرق بين النبيّ والمتنئي في ذلك. وإذا كان الأنبياء - عليهم السلام! - مع
جلالة قدرهم وعلؤ منزلتهم لم يدعوا الناس إلى تقليدهعل من غير إظهار دليل ولا
معجز [3 ظ] فمن نزلت درجته عن درجتهم أولى وأحرى ألا يتبع في ما يدعو إليه من غير
دليل. فعلى هذا لا يجوز تقليد العالم للعالم ولا تقليد العاميئ للعامي ولا تقليد
العاميئ للعالم ولا تقليد العالم للعاميئ.
6 - فإن قيل: لم جوزتم تقليد العامي للعالم في الفروع ولم تجوزوه في
الأصول؟.
قيل: لأن الفروع التي هي العبادات دليلها السمع، وقد يصل إلى العالم من
السمع ما لم يصل إلى العاميئ. فلما لم يتساويا في معرفة الدليل جاز له تقليده. وليس
كذلك الأصل الذي هو معرفة الرب - تعالى شأنه! - فإن دليله العقل والعامي والعالم
في ذلك سواء؛ فإن العالم إذا فال لعاميئ: واحد أكثر من اثنين، لا يقبل منه من غير
دليل. فبان الفرق بينهما.
__________
5 - (1) جزء من الآية 24 من سورة الزخرف (43).
(2) الأية 23 من سورة الزخرف (43)؛ وقد أسقط ابناسخ: بل.
(3) في الأصل: يتساوى.
qr