كتاب فتح الرحمن بشرح زبد ابن رسلان

[إذا انتفى تغير الكثير بعين ساترة]
الثانية: إذا زال التغير ظاهراً بعين ساترة له؛ كأن زال بنحو تراب أو جص، أو زال تغير لونه بالزعفران، أو ريحه بالمسك، أو طعمه بالخل .. لم يحكم بطهارته؛ للشك في أن التغير زال أو استتر، بل الظاهر: الاستتار.
وقضية العلة: أنه لو صفا الماء ولم يبق به تغير .. طهر، وبه صرح في "المجموع" في التراب، ومثله غيره.
(وكلُّ ما استعمل في تطهير ... فرضٍ وقَلَّ ليس بالطَّهور)
[الماء المستعمل]
فيه مسألة:
وهي: أن الماء المستعمل في تطهير فرض من رفع حدث أو إزالة نجس وقد قلَّ .. غير طهور؛ لانتقال المنع إليه، ولأن السلف لم يجمعوه في أسفارهم لاستعماله ثانياً مع احتياجهم إليه وعدم استقذاره في الطهارة، بل عدلوا إلى التيمم.
والمراد بـ (الفرض): ما لابد منه أثم بتركه أم لا، فيشمل ما اغتسلت به الكتابية من حيض أو نفاس؛ لتحل لحليلها المسلم، وطهارة الحنفي ولو بلا نية، وطهارة الصبي، وتطهير الوجه قبل بطلان التيمم، وتطهير الخبث المعفو عنه؛ إ ذ هو فرض أصالة، والغسل بدل المسح، وغسل الميت.
وخرج بـ (الفرض): الماء المستعمل في النفل؛ كالأغسال المسنونة، وغسل الرجلين في الخف قبل بطلان مسحهما .. فإنه طهور.
وخرج بقوله: (وقَلَّ): ما لو بلغ قلتين .. فإنه طهور، ولو انغمس جنب في ماء دونهما، ثم نوى .. ارتفعت جنابته وصار مستعملاً بالنسبة لغيره، ولا يصير مستعملاً بالنسبة إليه حتى يخرج منه، حتى لو أحدث في حال انغماسه .. جاز ارتفاعه به؛ لأن صورة الاستعمال باقية، والماء حال استعماله باقٍ على طهوريته، ولو نوى قبل تمام انغماسه .. ارتفعت جنابة الجزء الملاقي، وله أن يتمم انغماسه وترتفع جنابته، فلو غرف بإناء أو بيده، ثم غسل الباقي .. لم ترتفع جنابته.

الصفحة 128