كتاب معالم في السلوك وتزكية النفوس

وأما المرجئة فقد تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر طناً أن ذلك من باب ترك الفتنة (1) . فأهل السنة يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر على ما توجبه الشريعة، مع مراعاة مقاصد الشريعة، والحرص على لزوم الجماعة والائتلاف، والبعد عن الفرقةوالاختلاف.
يقول ابن تيمية:
((أهل البدع من الخوارج والمعتزلة والشيعة وغيرهم يرون قتال أئمة الجور، والخروج عليهم إذا فعلوا ماهو ظلم، أو ماظنوه هم ظلماً، ويرون ذلك من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وآخرون من المرجئة وأهل الفجور قد يرون ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ظناً أن ذلك من باب ترك الفتنة، وهؤلاء يقابلون لأولئك، ولهذا ذكر الأستاذ أبو منصور الماتريدي (2) .1 المصنف في الكلام وأصول الدين من الحنفية الذين وراء النهر ما قابل به المعتزلة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فذكر أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سقط في هذا الزمان)) (3) .
ويقول في موضع آخر:
((الطريقة الوسطى التي هي دين الإسلام المحض جهاد من يستحق
__________
(1) يقول ابن تيمية عن هذا الصنف: ((وأقوام ينكلون عن الأمر والنهي والقتال الذي يكون به الدين كله لله، وتكون كلمة الله هي العليا، لئلا يفتنوا، وهم قد سقوط في الفتنة.. وهذه حال كثير من المتدينين، يتركون ما يجب عليهم من أمر ونهي وجهاد يكون به الدين كله لله، لئلا يفتنوا بجنس الشهوات، وهم قد وقعوا في الفتنة التي هي أعظم مما زعموا أنهم فروا منه)) . انتهى ملخصاً. انظر مجموع الفتاوى 28/167.
(2) يظهر من مقالة أبي منصور الماتريدي – في تعريف الإيمان – نزعة إرجائية، حيث يقول: إن الإيمان هو ما في القلب، والقول الظاهر شرط لثبوت أحكام الدنيا. انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية 7/51.، وشرح الطحاوية 2/459. ورسالة ((الماتريدية)) لأحمد الحربي ص 453.
(3) الآداب الشرعية لابن مفلح 1/ 177.
(1) مجموع الفتاوى 28/5.8.

الصفحة 25