كتاب معالم في السلوك وتزكية النفوس

هـ- أهل السنة وسط بين أهل الفجور والفواحش، وأصحاب الرهبانية والتشدد. فأهل الفجور هم المترفون المنعمون، ممن أسرفوا على أنفسهم، فأضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات، وأما المترهبون فأوقعهم في البدع غلوهم وتشديدهم، فحرموا ما أحل الله من الطيبات.
قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المتعدين}
(المائدة، آية 87) .
فنهى سبحانه عن تحريم ما أحل الله من الطيبات، وعن الاعتداء في تناولها وهو مجاوزة الحد، وقد فسر الاعتداء في الزهد والعبادة، بأن يحرموا الحلال ويفعلوا من العبادة ما يضرهم، فيكونوا قد تجاوزوا الحد وأسرفوا، وقيل: لا يحملنكم أكل الطيبات على الإسراف وتناول الحرام من أموال الناس (1) .
__________
(1) انظر مجموع الفتاوى لابن تيمية 14/457 * 46.، 1./623.
3-من معالم أهل السنة في السلوك: موافقة النصوص الشرعية لفظاً ومعنى (2) .
فيتأدبون مع المصطلحات الشرعية الدينية، ويستمسكون بألفاظها ومعانيها، ويحققون حدودها وتعريفاتها علماً وعملاً.
وسنتحدث عن هذه المسألة من خلال ما يلي:
أ- أثنى الله على من عرف حدود ما أنزل الله تعالى على رسوله، وذم من جهلها فقال سبحانه:
{الأعرابُ أشد كفراً ونفاقاً وأجدَرُ أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله} (التوبة، آية 97) .
__________
(2) أهل السنة وافقوا تلك النصوص لفظاً ومعنى، وهناك من وافق النصوص في المعنى دون اللفظ كمن يتكل في المعاني كالباطنية، وصنف رابع خالف النصوص لفظاً ومعنى كا لملا حدة والكفار. انظر ك منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد لعثمان حسن 2/692.

الصفحة 29