كتاب الجامع الأموي في دمشق
صلى الله على سيدنا المسيح وعلى سيدنا محمد خاتم الأنبياء الذي نسخت شريعتهُ الشرائعَ وعلى كل نبي أرسله الله بالهدى والتوحيد والدين القيّم، لا نفرّق بين أحدٍ من رسله، نؤمن بكل نبي بعثه الله على ما بُعث عليه، وكل كتاب أنزله الله على ما نزل عليه، ونقول: كلٌّ من عند ربنا ونحن له مسلمون.
...
وُلد المسجد ليلةَ الفتح، حين شرّف الله الشام وأراد لها الخير، فاستظلّت براية القرآن، واتّبعت داعي الله وسلكت طريق الموصل (إن شاء الله) إلى الجنة، ثم شبّ واكتهل، ونما واكتمل، على عهد الوليد، يوم كانت دمشق تمرح في جنة غَرس محمد، وتنعم هانئةً بالأم والرخاء في فَيْئ الصرحِ الذي شاده محمد صلى الله عليه وسلم على محمد حين كانت الليالي أعراساً، والأيام أفراحاً، والدنيا ترقص ابتهاجاً وتميس من السرور.
هنالك كان الأموي يتبوأ في دمشق سُدّة ملك، قد لبس الفسيفساء، وتحلّى بالذهب، وتسربل بستر الوشي والديباج، وتاه على كل بناء في الأرض.
ثم أراه الزمان من حلوه ومرّه، ومن نعيمه ما يُري كلّ (حي) في الوجود.
ولست أستطيع أن أعرض عليكم تاريخ الأموي، يوماً بيوم، فلقد كانت تتعاوره الأيدي دائماً: أيدي المصائب والبغاة، بالخراب والدمار، وأيدي المصلحين بالعمارة والإصلاح، حتى غدا وفي كل شبر منه تاريخ، وصار كفسيفسائه، كل قطعة منه من طبيعة ومن لون، ولكل يوم من حياته الطويلة قصة!.
الصفحة 11
102