كتاب لسان العرب (اسم الجزء: 10)

والأَصل فَرْعًا، والعُرْف عَكْسُ ذَلِكَ، وَهَذَا كَأَنَّهُ يَخْرُجُ مَخْرَجَ الْمُبَالَغَةِ أَيْ قَدْ ثَبَتَ هَذَا الْمَعْنَى لأَعجاز النِّسَاءِ، وَصَارَ كَأَنَّهُ الأَصل فِيهِ حَتَّى شُبِّهَتْ بِهِ كُثْبَانُ الأَنقاء. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: إِنَّهُ لَعَظِيمُ الأَوْراك، كَأَنَّهُمْ جَعَلُوا كُلَّ جُزْءٍ مِنَ الوَركَيْنِ وَرِكاً ثُمَّ جَمَعَ عَلَى هَذَا. اللَّيْثُ: الوَرِكان هُمَا فَوْقَ الْفَخِذَيْنِ كَالْكَتِفَيْنِ فَوْقَ الْعَضُدَيْنِ. والوَرَكُ: عِظَمُ الوَركَيْنِ. وَرَجُلٌ أوْرَكُ: عَظِيمُ الوَركَيْنِ. وَفُلَانٌ وَرَكَ عَلَى دَابَّتِهِ وتَوَرَّكَ عَلَيْهَا إِذَا وَضَعَ عَلَيْهَا وَرْكَه فَنَزَلَ، بِجَزْمِ الرَّاءِ، يُقَالُ مِنْهُ: وَرَكْتُ أَركُ. وثَنى وَرْكَه فَنَزَلَ: جَعَلَ رِجْلًا عَلَى رِجْلٍ أَوْ ثَنَى رِجْلَهُ كَالْمُتَرَبِّعِ. ووَرَكَ وَرْكاً وتَوَرَّكَ وتَوارَك: اعْتَمَدَ عَلَى وَرِكه؛ أَنْشَدَ ابْنُ الأَعرابي:
تَوارَكْتُ فِي شِقِّي لَهُ، فانْتَهَزْتُه ... بفَتْخاءَ فِي شَدٍّ مِنَ الخَلْقِ لِينُها
وَفِي الْحَدِيثِ:
لَعَلَّكَ مِنَ الَّذِينَ يُصَلُّون عَلَى أوْراكهم
؛ فُسِّرَ بِأَنَّهُ الَّذِي يَسْجُدُ وَلَا يَرْتَفِعُ على الأَرض ويُعْلي وَرِكَه لَكِنَّهُ يُفَرِّج رُكْبَتَيْهِ فَكَأَنَّهُ يَعْتَمِدُ عَلَى وَرِكه. وَفِي حَدِيثِ
مُجَاهِدٍ: كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يَتَوَرَّك الرَّجُلُ عَلَى رِجْلِهِ الْيُمْنَى فِي الأَرض المُسْتَحِيلة فِي الصَّلَاةِ
أَيْ يَضَعُ وَرِكَهُ عَلَى رِجْلِهِ، وَالْمُسْتَحِيلَةُ غَيْرُ الْمُسْتَوِيَةِ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: التَّوَرُّك عَلَى الْيُمْنَى وضعُ الوَرك عَلَيْهَا، وَفِي الصِّحَاحِ: وَضْعُ الْوَرِكِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الرِّجْلِ الْيُمْنَى. وَفِي حَدِيثِ
إِبْرَاهِيمَ: أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ التَّوَرُّكَ فِي الصَّلَاةِ
؛ يَعْنِي وضع الأَلْيَتَيْن أو إحداهما عَلَى عَقِبَيْه، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ وَضْعُ الأَلْيتين أَوْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأَرض؛ قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: التَّوَرُّك فِي الصَّلَاةِ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا سُنَّة وَالْآخِرُ مَكْرُوهٌ، فَأَمَّا السُّنَّةُ فأنْ يُنْحِي رِجْلَيْهِ فِي التَّشَهُّدِ الأَخير ويُلْزِقَ مقعَدته بالأَرض كَمَا جَاءَ فِي الْخَبَرِ، وَأَمَّا التَّوَرُّك الْمَكْرُوهُ فَأَنْ يَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى وَرِكَيْهِ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ قَائِمٌ وَقَدْ نُهِيَ عَنْهُ. وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُقَالُ ثَنى وَرِكَه فَنَزَلَ وَلَا يَجُوزُ وَرْكه فِي ذَا الْمَعْنَى إِنَّمَا هُوَ مَصْدَرُ وَرَكَ يَرِكُ وَرْكاً، وَيُسَمَّى ذَلِكَ الْمَوْضِعُ مِنَ الرِّجل المَوْرِكَةَ لأَن الإِنسان يَثْنِي عَلَيْهِ رِجْلَهُ ثَنْياً، كَأَنَّهُ يَتَرَبَّعُ وَيَضَعَ رِجْلًا عَلَى رِجْلٍ، وَأَمَّا الوَرِكُ نَفْسُهَا فَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَثْنِيَهَا لأَنها لَا تَنْكَسِرُ. وَفِي الوَرك لُغَاتٌ: الوَرِكُ والوَرْكُ والوِرْك. وَفِي حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَسْجُدَ الرَّجُلُ مُتَورِّكاً أَوْ مُضْطَجِعًا.
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: قَوْلُهُ متورِّكاً أَيْ أَنْ يَرْفَعَ وَركيه إِذَا سَجَدَ حَتَّى يُفْحِش فِي ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: أَوْ مُضْطَجِعًا يَعْنِيَ أَنْ يَتَضَامَّ ويُلصِقَ صَدْرَهُ بالأَرض ويَدَعَ التَّجافيَ فِي سُجُودِهِ، وَلَكِنْ يَكُونُ بَيْنَ ذَلِكَ، قَالَ: وَيُقَالُ التورُّك أَنْ يُلْصق أَلْيَتَيْهِ بِعَقِبَيْهِ فِي السُّجُودِ؛ قَالَ الأَزهري: مَعْنَى التورُّك فِي السُّجُودِ أَنْ يُوَرِّكَ يُسْراه فيجعلَها تَحْتَ يُمْنَاهُ كَمَا يَتَوَرَّك الرَّجُلُ فِي التَّشَهُّدِ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ. قَالَ بَعْضُهُمْ: التَّوَرُّك أَنْ يَسْدِلَ رِجْلَيْهِ فِي جَانِبٍ ثُمَّ يَسْجُدُ وَهُوَ سابِلُهما، وَالرَّاكِبُ إِذَا أَعْيَا فيتورَّك فَيُثْنِي رِجْلَيْهِ حَتَّى يَجْعَلَهُمَا عَلَى مَعْرَفَة الدَّابَّةِ، وأُمِرَ النساءُ أَنْ يتَوَرَّكن فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ سَدْلُ الرِّجْلَيْنِ فِي شِقِّ السُّجُودِ ونُهيَ الرِّجَالُ عَنْ ذَلِكَ، قَالَ: وَأَنْكَرَ التَّفْسِيرُ الأَول أَنْ يَرْفَعَ وَركه حَتَّى يُفْحِشَ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ أَبِيهِ: يتورَّك الْمُصَلِّي فِي الرَّابِعَةِ وَلَا يَتَوَرَّكُ فِي الْفَجْرِ وَلَا فِي صَلَاةِ الْجُمْعَةَ لأَن فِيهَا جَلْسَةً وَاحِدَةً، وَكَانَ يتورَّك فِي الْفَجْرِ لأَن التَّوَرُّكَ إِنَّمَا جُعِلَ مِنْ طُولِ الْقُعُودِ. ويَتَوَرَّك الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ فيَصْرَعُه:

الصفحة 510