كتاب الضوء اللامع لأهل القرن التاسع (اسم الجزء: 10)

ومواضع سقط عَلَيْهِ من الْأَنْسَاب فَلَزِمَ تَكْرِير الْوَاحِد فِي موضِعين فَأكْثر وَهُوَ لَا يشْعر وَرُبمَا يكون تكرارهما فِي مَوضِع وَاحِد وأماكن يضبطها بالحروف أَو بالقلم وَهِي خطأ ومواضع لَا يحسن قرَاءَتهَا فيخليها من النقط فضلا عَن الضَّبْط وأماكن يحذف مَا تكون شهرة الْمَرْء بِهِ بِحَيْثُ يمر عَلَيْهِ من يعرفهُ فيظنه آخر لعدم اشتهاره بذلك بل رُبمَا يكون ذَاك الْوَصْف مَعَ ذَلِك للمذكور تنقيصا إِلَى غير ذَلِك مِمَّا الْحَامِل على التَّعَرُّض لَهُ مَا سبق وَمن كَانَ هَذَا شَأْنه فِي شُيُوخه لَا يَلِيق بِهِ أَن يصنف فضلا عَمَّا تقدم وَسمعت أَنه خرج لنَفسِهِ المتباينات والمعجم والفهرست ولشيخه الخيضري المعجم وللبهاء المشهدي العشاريات وَأَشْيَاء كلهَا خبط وخلط وَإِن لم أرها نعم رَأَيْت مُعْجم الخيضري وَهُوَ مهمل لمهمل. وَمن رام تَفْصِيل مَا أجملته فليأت بِمَا شَاءَ مِمَّا عينته وَقد كتب بِخَطِّهِ الْكثير لنَفسِهِ وَبَعض ذَلِك بِالْأُجْرَةِ وَلَيْسَ خطه بالطائل لَا سندا وَلَا متْنا بل وَلَا يعْتَمد عَلَيْهِ فِي كثير مِمَّا يبديه لتساهله ورأيته كتب عَليّ بعض الاستدعاآت:
(يَقُول عبيد الله يُوسُف أَنه ... أجَاز لَهُم لفظا كتابا بِخَطِّهِ)

(فيروون مَا يروي سَمَاعا محققا ... ويروون مَا عِنْدِي مجَازًا بِشَرْطِهِ)

(وَمَا حررت كفاي من كل نخبة ... وَمَا قلته نظما ونثرا بضبطه)
وَقد ولي الخطابة بِجَامِع ابْن شرف الدّين وأخيرا بِالْمَدْرَسَةِ المزهرية أول مَا فتحت ثمَّ نقل عَنْهَا لمشيخة الصُّوفِيَّة بهَا بعد ابْن قَاسم ومشيخة التصوف بوقف قراقوش فِي خَان السَّبِيل وتدريس الحَدِيث بالبيبرسية برغبة الزين قَاسم وبالمنصورية برغبة بني الْأَمَانَة وَقِرَاءَة الحَدِيث بِجَامِع الفكاهين ثمَّ أخيرا بَين يَدي السُّلْطَان فِي القلعة حِين انْفِصَال الإِمَام الكركي والتحدث على جِهَات لم يحسن التَّصَرُّف فِيهَا وبواسطة ذَلِك تلاشى أَمر الْمدرسَة المنكوتمرية وفرط فِي أَشْيَاء من كتب وَغَيرهَا بِحَيْثُ أملق وَرغب عَن وظائفه وَبَاعَ كتبه وَمَا صَار إِلَيْهِ من جدته من رزق وأملاك وَنَحْوهَا وأنفد ذَلِك عَن آخِره مَعَ استبدال قاعة سكن جده وَغَيرهَا من الْأَوْقَاف الَّتِي كَانَ يتحدث إِلَيْهَا مِمَّا صَار ثمنه أَو أَكْثَره فِي جِهَته وضيع حق الله فِي ذَلِك وَحقّ الْآدَمِيّين)
فَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه وَلَوْلَا لطف الله بِهِ فِي استقراره عقب الدَّمِيرِيّ فِي حواصل البيمارستان بعناية الخيضري بِحَيْثُ ارتفق بملومها والمنفوع لَكَانَ الْأَمر أَشد، وَلم يزل على حَاله حَتَّى مَاتَت تَحْتَهُ ابْنة المحبي بن الشّحْنَة وَلم يحصل بعْدهَا على طائل ثمَّ مَاتَ هُوَ فِي أَوَائِل سنة تسع وَتِسْعين رَحمَه الله وَعَفا عَنهُ وَكَانَ قد رام التَّوَصُّل لكتب جده بعد مَوته بِمَا كَانَ السَّبَب لإتلاف أَكْثَرهَا وهجا خَاله بِسَبَبِهَا وَغَيره فَقَالَ:
(قُولُوا لخالي الَّذِي قد كنت راجيه ... عِنْد الشدائد فِي تَقْدِيم إجلالي)

الصفحة 316