كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 10)

والأصل في ثبوت الحجر على من ذكر هذا الباب قوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [البقرة:282]، أخبر الله – تعالى – أن هؤلاء ينوب عنهم أولياؤهم فيما عليهم، فدل على ثبوت الحجر عليهم، والمراد بالسفيه في الآية: المبذر، صغيراً كان أو كبيراً، وبالضعيف – كما قال الشافعي -: الصغير والكبير إذا اختل، وبالذي لا يستطيع الإملال: المجنون، ويدل على ذلك في الصبي أيضاً قوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: 6] إلى آخرها.
قال: لا يجوز تصرف الصبي والمجنون في مالهما؛ لمكان الحجر الذي دللنا عليه، وإلا ذهبت فائدته، ولأن أصلح التصرفات فيه البيع، وقد دللنا في أول كتاب البيع على امتناعه منهما، فغيره بالمنع أولى، ولا يستثني من ذلك إلا وصية الصبي تدبيره؛ فإن فيهما خلافاً يأتي، إن شاء الله تعالى,
قال: ويتصرف في مالهما الولي، ولأنه الناظر المنصوب لمصالحهما.
قال: وهو الأب، ثم الجد – أي: أبو الأب – بعد الأب؛ لأن التصرف ولاية في حق الصغير، فقدم الأب والجد فيها على غيرهما، كولاية النكاح؛ ولأن الحجر عليهما يثبت بغير حاكم؛ فلم يكن النظر إليه إبتداءً.
ويشترط في صحة تصرف الأب والجد ولايتهما على مال الولد – وإن سفل عند العراقيين -: العدالة الظاهرة، وهل تشترط العدالة الباطنة؟ فيه وجهان.
وحكى الإمام في كتاب النكاح أن الشيخ أبا علي والقاضي، وكل مُنْتَمٍ إلى التحقيق قالوا: ولاية المال تتنزل منزلة ولاية النكاح في طرق القطع وطرق الخلاف، فإن جعلنا المسألة على قولين في أن الفاسق هل يلي التزويج نطرد القولين في ولاية المال بلا فصل.
ثم قال: وهذا الذي لا ينقدح غيره.
وفي "التتمة": أن العدالة لا خلاف في أنها معتبرة في حفظ المال، حتى لو كان القريب فاسقاً لا يمكَّن منه، وهل يمكن من التصرف فيه؟ فيه وجهان مبنيان على أن عامل المساقاة إذا فسق هل يضم إليه أمين؟ أو ينصب الحاكم عاملاً عنه؟ فيه قولان.

الصفحة 7