كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 10)
الحائل تعتد بالطهر دون الحيض فلذلك صار طلاقها في الحيض بدعة.
والحامل تعتد بوضع الحمل دون الطهر والحيض فلم يكن طلاقها في بدعة, وعلى هذا لو قال لها وهي تحيض على الحمل أنت طالق للبدعة, فإن كان ذلك في حال حيضها طلقت في الحال وإن كان في حال طهرها فعلى ما ذكرنا من الوجهين:
أحدهما: أنها تطلق في الحال إذا قيل: إن طلاقها في الحيض ليس ببدعة.
والوجه الثاني: أنها لا تطلق إلا في الحيض, إذا قيل: إن طلاقها في الحيض بدعة فعلى هذا لو لم تر بعد طلاقه حيضًا حتى ولدت, طلقت في نفاسها بعد الولادة, لأننا قد أثبتنا على هذا الوجه حكم هذه الصفة فلذلك وجب انتظارها, ولكن لا يختلف أصحابنا إن وطئها في طهرها على الحمل لا يكون الطلاق فيه طلاق بدعة وهذا يقتضي أن يكون طلاقها في الحيض لا يكون طلاق بدعة.
فرع
وإذا تزوج حاملًا من زنا صح نكاحها عندنا, وجاز له وطؤها في حملها وإن خالفنا فيه مالك فإن طلاقها للسنة, فإن لم يكن قد دخل بها تعجل طلاقها؛ لأن غير المدخول بها لا سنة في طلاقها ولا بدعة, فإن دخل بها لم يتعجل طلاقها وانتظر بها أن تضع حملها وينقضي نفاسها, فتطلق في أول طهرها بعد النفاس, بخلاف الحامل منه.
والفرق بين الحامل منه وبين الحامل من زنا حيث لم يكن في طلاق الحامل سنة ولا بدعة وكان في طلاق الحامل من زنا سنة وبدعة لأنه إذا طلق الحامل منه اعتدت بوضعه فارتفعت السنة والبدعة في طلاقها.
وإذا طلق الحامل من زنا لم تعتد من بوضعه واعتد بالأقراء فتثبت السنة والبدعة في طلاقها, فعلى هذا لو كانت تحيض على الحمل, فإن لم نجعله على قوله في القديم حيضًا لم نعتبره, وإن جعلناه حيضًا على قوله في الجديد اعتبرناه, فإذا طهرت منه على الحمل طلقت للسنة.
وعلى هذا لو قال لها: أنت طالق للبدعة, وقد جامعها على حملها, وقع عليها في الحال طلاق البدعة, لأن حكم هذا الحمل ملغي, وهو طهر قد جومعت فيه, فكان الطلاق فيه طلاق بدعة, ولو حاضت عليه بعد جماعه, وجعلناه حيضًا, وطهرت منه ثم طلقها للبدعة لم تطلق إلا أن تحيض على الحمل فتطلق أو يطأها في هذا الطهر فتطلق, أو تضع حملها وتصير في نفاسها فتطلق, لأن الطلاق في الحيض بدعة, وفي طهر الجماع بدعة, وفي النفاس بدعة, والله أعلم بالصواب.
فرع
ولو قال لزوجته وهي حامل منه إذا ولدت ولدًا فأنت طالق للسنة فلا طلاق عليه قبل الولادة, فإذا ولدت لم تطلق حتى ينقضي نفاسها, لأنه جعله بالولادة واقعًا للسنة فلذلك روعي انقضاء نفاسها, فلو كانت المسألة بحالها فولدت ولدين طلقت بعد الأول
الصفحة 18
544