كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 10)

زمان السنة, ولو قال: أنت طالق ثلاثًا للسنة ثم قال سبق لساني بقول السنة وإنما أردت طلاق الثلاث على الإطلاق قبل منه وقع الطلاق الثلاث سواء كان للسنة أو للبدعة, لأنه وإن خالف ظاهر لفظه فهو أغلظ عليه وأضر به, ومن يبين الأخف بالأغلظ قبل منه ظاهرًا وباطنًا, ومن بين الأغلظ بالأخف لم يقبل منه في الظاهر, وإن قبل منه في الباطن إذا كان محتملًا.
مسألة: قال الشافعي: "ولو كان قال في كل قرء واحدة فإن كانت طاهرًا حبلى وقعت الأولى ولم تقع الثانية إن كانت تحيض على الحبل أو لا تحيض حتى تلد ثم تظهر فإن لم يحدث لها رجعة حتى تلد بانت بانقضاء العدة ولم يقع عليها غير الأولى".
قال الماوردي: وصورتها في رجل قال لامرأته: أنت طالق ثلاثًا في كل قرء واحدة فقد صرح بتفريق الثلاث في ثلاثة أقراء, فلا يقعن إلا هكذا, فإذا كان كذلك فلا يخلو حال المرأة من أحد أمرين, إما أن تكون من أهل السنة والبدعة, أو لا تكون منهن. فإن كانت من أهل السنة والبدعة فلا يخلو حالها من أن تكون حائضًا أو طاهرًا, فإن كانت حائضًا لم تطلق في حال حيضها حتى إذا طهرت طلقت في أول طهرها؛ لأنه أو زمان السنة, فإذا حاضت الحيضة الثانية ودخلت في أول الطهر الثاني طلقت طلقة ثانية, سواء راجع بعد الأولى أو لم يراجع, فإذا حاضت الحيضة الثالثة ودخلت في أول الطهر الثالث, طلقت طلقة ثالثة, سواء راجع بعد الثانية أو لم يراجع.
فأما العدة فإن لم يكن قد راجعها بنت على عدة الطلقة الأولى, فإذا انقضى الطهر الثالث بدخول الحيضة الرابعة فقد انقضت عدتها وحلت للأزواج, وإن راجعها لم يخل حاله بعد الرجعة من أن يطأها فإن وطئها استأنفت العدة بعد الطلقة الثالثة التي بعد رجعته, ووطئه ويكون ذلك الطهر الذي وقعت فيه الطلقة الثالثة قرءًا واحدًا فتأتي بعده بقرأين, وإن لم يطأها بعد رجعته فهل تبني على العدة أو تستأنها على قولين:
أحدهما: أنها تبنى على عدة الطلقة الأولى, لأن الرجعة قد بطلت بما تعقبها من الطلاق.
والقول الثاني: أنها تستأنف العدة من الطلقة الثالثة؛ لأن الرجعة قد أبطلت ما تقدمها من الطلاق.
فإما إذا كانت عند الطلاق طاهرًا طلقت في الحال واحدة, لأن بقية هذا الطهر قرء وسواء كان قد وطئها في هذا الطهر أم لا, لأن طهر الجماع قرء يقع به الاعتداد كما تعتد بطهر ليس فيه جماع, إلا أم الطلقة في طهر الجماع تكون بدعية.
وفي طهر غير الجماع تكون سنية, وهو إنما علق بالطلاق بالقرء لا بالسنة فلذلك روعي ما يكون قرءًا وإن لم يكن الطلاق فيه للسنة, فإذا وقعت الطلقة الأولى في الطهر الأول لم يحل له جماعها إن لم يراجعها وإن راجعها فيه حل له جماعها فهي بقية

الصفحة 22