كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 10)

قال لامرأته حبلك على غاربك ما أردت؟ وقال شريح أما الطلاق فسنة فأمضوه وأما ألبتة فبدعه فدينوه (قال) ويحتمل طلاق ألبتة يقينًا ويحتمل الإبتات الذي ليس بعده شيء ويحتمل واحدة مبينة منه حتى يرتجعها فلما احتملت معانى جعلت إلء قائلها".
قال الماوردي: وهذا الكلام يشتمل على فصلين:
أحدهما: أنه إذا طلق امرأته واحدة بائنة كانت رجعية، ولا تبين بالواحدة، وإن جعلها بائنة، كما لا يسقط ولاء العتق، وإذا شرط سقوطه في العتق.
وقال أبو حنيفة: تكون الواحدة بائنة إذا جعلها بائنة، وتسقط الرجعة فيها بإسقاطه لها، وبني على أصله، إذا قال لها: أنت بائن يريد به الطلاق، أنها تطلق واحدة بائنة، لا يملك فيها الرجعة، وقد مضى معه فيه، ثم تفسد مذهبه ها هنا من وجهين أيضًا:
أحدهما: أنه لو قال لها: أنت طالق واحدة بائنة، كانت طالقًا واحدة غير بائنة.
والثاني: أنه لو قال لها: أنت طالق واحدة، لا رجعة لي فيها، كانت طالقًا واحدة له الرجعة، كذلك في الواحدة والثانية.
والفصل الثاني: في الكناية يشتمل على فصلين:
أحدهما: أن الكناية لا يقع الطلاق بها إلا مع النية، وإن وقع بالصلاريح ردَّا على مالك حيث أوقع الطلاق بالكناية من غير نية، وعلى من ذهب إلى قول داود: أن الطلاق لا يقع بالصريح من غير نية، وقد مضى الكلام معهما والفرق بين الصريح والكناية، في اعتبار النية في الكناية، دون الصريح من وجهين:
أحدهما: أن الصريح لا يحتمل إلا معنى واحد، فحمل على موجبة من غير نية، والكناية تحمل معاني، فلم تنصرف إلى أحدهما إلا بنية، ألا ترى أن ما كان من العبادات لا تعقد إلا على وجه واحد، كأداء الأمانة، وإزالة النجاسة لم تفتقر إلى نية، وما كان محتملًا كالصوم لم يصح أن يكون عبادة إلا بالنية.
والثاني: أن الصريح حقيقة والثاني مجاز، والحقائق يفهم مقصودها بغير قرينة والمجاز لا يقوم مقصوده إلا بقرينة، فلذلك افتقرت الكناية إلى نية، ولم يفتقر الصريح إلى نية.
والفصل الثاني: أن الكناية إذا وقع بها الطلاق مع النية كالبائن والبتة والخلية والبرية كان رجعيًا، إلا أن ينوي ثلاثًا، وقال أبو حنيفة: يكون بائنًا، لا يملك فيه الرجعة وقد مضى الكلام معه فيه.
مسألة: قال الشافعي: "ولو كتب بطلاقها فلا يكون طلاقًا إلا بأن ينويه كما لا يكون ما خالفه الصريح طلاقًا إلا بأن ينويه".
قال الماوردي: أما وقوع الطلاق بخير الكلام فينقسم ثلاثة أقسام: فعل وكناية وإشارة، فأما الفعل: مثل الضرب والإخراج من المنزل، وما جرى مجراه من الإبعاد

الصفحة 52