كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 10)

الدخول بالشهادةً، كان كصحته بالإقرار في وقوع الطلاق، فكذلك إذا كانت الصفةُ [32/ ب] وجوب الحق عليه، ولا يصح أن يقال: يجوز أن يكون وفّر المال على صاحب الحق والشهود لا يعلمونه، فلا يقع الطلاق بالاحتمال؛ لأن هذا الموضع من رقيع الطلاق يصح من وجوب المال أيضًا، ويمنع من قبول الشهادة في مسألة الدخول لاحتمال كذب الشهود، ويمنع من قبول الشهادةً على أصل الطلاق لاحتمال الكذب، فلما حمل على الظاهر في هذه المواضع يحمل على الظاهر فيما نحن فيه، فلو شهد شاهدان في ذلك المجلس أن عليه لفلان كذا، ولم يكن، وكان عليه عند الحلف احتمل ألا يقبل في وقوع الطلاق لجواز وجوبه بعد اليمين في ذلك المجلس، بأن يعقد وكيله بعد اليمين عقدًا أو يجيئه الرَّاد للآبق به، وكان شرط له جعلًا ونحو ذلك من الأسباب التي قد لا تظهر، ويكون الحالف عارفًا بها والشهود كمثله ولكنهم يشهدون من غير بيان السبب، فإذا أمكن هذا لم يجز إيقاع الطلاق بالاحتمال.
فرع آخر
قال والدي - رحمه الله -: إذا قدم الإطعام على وقت الوجوب كأنه خرج خطأ وهو عادم للرتبةً ولا يستطيع الصوم، فأطعم ستين مسكينًا قبل ثبوت الخروج، هل يصح الإطعام؟ عندي أنه ينظر، فإن كان شيخا كبيرًا لا يستطيع الصوم بحال صح الإطعام، وإن كان مريضًا ولكن يرجى زوال مرضه احتمل أن لا يجوز؛ لأن الإطعام إنما يجوز عند العجز عن أصله وهو الصوم، وهذا إنما يعتبر عند وجوب الصوم وقبل الموت لم يكن الصوم، وإن أطعم ربما يكون قادرًا على الصوم في وقت الوجوب، وهو عقيب موت المخرج، ولا تجوز عبادةً البدن موقوفةً على شرط متأخر عنها، ويحتمل جوازه؛ لأنه حق ما في يتعلق بالكفارة فصح تقديمه كالعتق، وفي الشيخ الهرم أيضًا نظر.
فرع أخر
إذا مات وعليه كفارةَ القتل وهو عادم للرقبة وله مال، [(33) / أ] الظاهر أنه يطعم عنه من جهةَ أن أداء الصوم إذا تعذر بالموت بعد الإمكان يوجب الإطعام كقضاء رمضان، فإن كان هذا الصوم لا بدل له من حيث الإطعام في حال الحياةً، ولو صار هذا المكفر شيخًا هرمًا بعد الإمكان لا يجوز الإطعام لجواز أن يتمكن من العتق، وقد قيل خلاف هذا، والأصح ما ذكرنا. وهذا إذا قلنا الاعتبار في الكفارةً بحالة الأداء، فإن قلنا الاعتبار بحالةً الوجوب يلزم الإطعام.
فرع أخر
لو قال لها: إن خرجت من الدار بغير إذني فأنت طالق، فأذن لها في الخروج وبقي مجنونا هل يصح الإذن؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يمح كما لو أذن لها في البيع والشراء.
والثاني: يصح وهو الأصح؛ لأن البيع والشراء لا يصحان من المجنون فلم يصح الإذن بها للمجنون، والدخول والخروج يوجد من المجنون فصح الإذن به للمجنون.
فإذا قلنا بالثاني لم يقع الطلاق، وإذا قلنا بالأول صار كما لو خرجت بغير إذنٍ،

الصفحة 540