كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 10)
تعارضت النية واللفظ، يغلب حكم اللفظ لقوته على حكم النية لضعفه، فوقع الطلاق وبطل الاستثناء.
فلو قال: وله أربع نسوة: أنتن طوالق، واستثنى واحدة منهن فعزلها من الطلاق صح استثناؤه من طلاقهن، مظهرًا ومضمرًا، فلا يقع طلاقها إن استثناها ظاهرًا بلفظه لا في الظاهر ولا في الباطن، ولا يقع طلاقها إن استثناها، باطنًا بنيته في الباطن، وإن كان واقعًا، وإن كان واقعًا في الظاهر ولكن لو قال للأربع: أنتن يا أربع طوالق، وأراد إلا واحدة فإن استثناها بلفظه صح، وإن عزلها بنيته لم يصح، كالاستثناء من العدد لأنه قد صرح بذكر الأربع، ولم يصرح بذكرهن فيما تقدم، فلو قال لزوجته: أنت طالق وأراد بقلبه الإشارة بالطلاق إلى إصبعه دون زوجته لم يقبل منه في ظاهر الحكم، واختلف أصحابنا هل يدين في باطن الحكم فيما بينه وبين الله تعالى أم لا؟ على وجهين:
أحدهما: يدين فيه لاحتمله.
والثاني: وهو أصح: لا يدين فيه، ويلزمه الطلاق في الظاهر والباطن جميعًا لأمرين:
أحدهما: أن الإصبع لا يتوجه إليها طلاق انفصاله ولا طلاق تحريم.
والثاني: أنه أوقع طلاقًا على أن لا يكون طلاقًا فصار كقوله: أنت طالق إلا أنت، والله أعلم.
مسألة: قال الشافعي: " ولو قال أنت على حرام يريد تحريمها بلا طلاق فعليه كفارة يمين لأن النبي صلى الله عليه وسلم حرم جاريته فأمر بكفارة يمين (قال الشافعي) رحمه الله لأن تحريم فرجين حلين بما لم يحرما به".
قال الماوردي: وهذا كما قال: إذا قال الرجل لزوجته: أنت علي حرام، فإن أراد به الطلاق، كان طلاقًا يقع من عدده ما نوه من واحدة أو اثنتين أو ثلاث، وإن لم ينو عددًا، كانت واحدة رجعية، وإن أراد به الظهار كان ظهارًا، وإن أراد به الإيلاء لم يكن إيلاًء، لأن الإيلاء يمين، لا ينعقد بالكناية وأن أراد يه تحريم وطئها لم يحرم، ولزمه كفارة يمين، وإن لم يكن له إرادة لم يتعلق به طلاق ولا ظهار ولا تحريم، وهل تجب به كفارة يمين أم لا؟ على قولين ذكرهما في "الإملاء": ولو قال لأمته: أنت علي حرام، فإن أراد به عتقها، عتقت وإن أياد تحريم وطئها لم تحرم وكفر كفارة يمين، وإن لم يكن أراد، لزمته كفارة يمين قولًا واحدًا.
ومن أصحابنا من قال على قولين كالحرة، ومنهم من خرج الحرة والأمة في وجوب الكفارة عند فقد الإرادة على ثلاثة أقاويل:
الصفحة 67
544