كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 10)
لأنه يحتمل ما قال: وإن صدقته أن الطلاق قد كان وقع عليها في الشهر لكنها ادعت أنه ما أراد ذاك الطلاق، وإنما أراد إيقاع الطلاق في الحال فالقول قوله لأنها قد اعترفت بوقوع الطلاق عليها في الشهر الماضي فكان أعرف بما نوى، وإن أنكرت فقالت: ما طلقتني ولا أحد طلقني في الشهر الماضي فهو مدّعٍ أن لا طلاق فإن كانت له بينة بما ادعاه فالحكم كما لو أقرت بأن الطلاق قد كان وقع عليها، وإن لم يكن بيّنة لم يقبل منه لأنه يخالفه الظاهر، فإن ادعى عليها فالقول قولها مع يمينها فإذا حلفت وقع الطلاق في الحال. وقيل: يقبل منه في الحكم لأنه محتمل كلامه.
والخامسة: أن يقول: أردت بقولي أنت طالق في الشهر الماضي إخبار عن طلاق طلقتها في ذلك الوقت وهي زوجتي فهاهنا يقبل منه لأنه أقر أنه طلق زوجته فقبلنا قوله فيه [6/ أ] لأنه ما رفع ما اعترف به ويفارق هذه المسألة التي قبلها لأنه أخبر عن طلاق ثم رفع حكمه بكل حال فلهذا لم يقبل منه فإذا أثبت أن القول قوله فإذا حلف حكمنا بأن الطلاق وقع من ذلك الوقت. فقال القفال: ولا نفقة لها إن كان مفارقًا لها من يومئذٍ أو غائبًا وهذا لا يصح بل لا يقبل قوله في اسقاط حقها من النفقة والسكنى أيضًا في ظاهر المذهب، وأما العدة تكون من هذا الوقت لأنها أنكرت ذلك فاعترفت بوقوعه الآن فقبلنا قولها فيما يضرها، وإن صدقته على ذلك فالعدة من ذلك الوقت.
قال القفال: هذا إذا كان مفارقًا لها لا يتعاشران معاشرة الأزواج والزوجات، فأما إن كان يعاشرها فالعدة من هذا الوقت، وإن لم يكن منه إصابة بعد ذلك التاريخ إذ لا يجوز أن يرى زوجين يختلطان اختلاط الزوجين ثم يفارقها وتنكح في الحال غيره بعدما عرفنا نه مدخول بها. وقال أبو حنيفة: إذا قال: أنت طالق في الشهر الماضي ولا نية له فإن كان في الشهر الماضي زوجة لم تطلق في الحال وإلا فلا تطلق وهذا غلط لما ذكرناه.
فرع
لو قال: إذا قدم زيد فأنت طالق قبله بشهر فإن قدم زيد بعد شهر طلقت قبل قدومه بشهر لأنه إيقاع طلاق بعد عقده، وإن قدم قبل شهر فيه طريقان أحدهما: فيه قولان أيضًا كما ذكرنا عن الشافعي والربيع في مسألة إذا قال: أنت طالق في الشهر الماضي لأن في التقدير كليهما طلاق في الزمان الماضي وفي كلا الموضعين أوقع الطلاق قبل عقده والثاني: وعليه أكثر أصحابنا لا يقع منهما قولًا واحدًا والفرق [6/ ب] أن هناك لا يستحيل أن يمضي شهر فأكثر ثم يقدم فيكون مطلقًا في الحال أو أمر في المستقبل، فإذا لم يوجد ذلك سقط حكم كلامه وهاهنا لا يتصور له حكم غير مستحيل فتسقط الاستحالة ويبقى الطلاق.
فرع آخر
لو قال: أنت طالق قبل موتي بشهر فمات قبل شهر لم تطلق، ولو ماتت في هذه المسألة ثم مات بعدها لا يقع عليها إلا أن تموت بعد شهر ويكون موتها قبله لأقلّ من
الصفحة 82
544