كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 10)
وأي زمان". فإذا استعملت في الطلاق لا يخلو، إما إن علق بها عطية أو لم يعلق بها عطية فغن علق بها عطية فقد ذكرنا حكمة في كتاب الخلع، وإن لم يعلق عطية لا يخلو أمام إن ذكر ذلك في الإثبات أو في النفي فإن ذكر في الإثبات فكلها على التراخي مثل قوله: إن دخلت الدار فأنت طالق، أو إذا دخلت أو متى دخلت، وكذلك إذا قال: متى طلقتك فأنت طالق [12/ ب] أو إذا طلقتك أو إن طلقتك الكل واحد، فأما في النفي فلا خلاف أن خمسة ألفاظ منها على الفور وهو قوله: متى ومتى وما وأي وقت وأي حين وأي زمان إن لم أفعل كذا، أو إن لم أطلقك فأنت طالق، فإذا مضى وقت يمكنها فيه أو يمكنه أن يطلقها فلم يوجد ذلك وقع الطلاق، والفرق بين هذا وبين الإثبات أن تقديره في الإثبات أي وقت طلقتك فأنت طالق وتقديره في النفي أي وقت لم أطلقك فأنت طالق، فافترقا، ولو قال: أردت متى فاتني طلاقك فأنت طالق هل يقبل في الحكم وجهان، ولا خلاف انه إذا قال: إن لم أطلقك فأنت طالق أنه على التراخي، فلا يقع عليها الطلاق حتى يموت أحد الزوجين، فإذا مات أحد الزوجين وقع عليها الطلاق في آخر جزء من أجزاء حياة الميت، وهو الزمان الذي لا يتسع لإيقاع حروف الطلاق فيه، فإنه الوقت الذي فاته فيه الطلاق، وقال القفال: أما في موتها فقبيل الموت، وأما في موته فقبيل العجز عن الطلاق المتصل بالموت حتى لو جن واتصل الجنون تبينا أن الطلاق واقع قبيل الجنون، وكذلك لو انفسخ النكاح بسبب ومات قبل البينونة تبينا وقوع الطلاق قبل الفسخ وهذا أحسن ولكنه خلاف ظاهر المذهب، وأما كلمة إذا فالمنصوص أنه على الفورية.
قال أبو يوسف ومحمد، وقال أبو حنيفة وأحمد رحمهم الله على التراخي كقوله إن: لأن كليهما يستعمل شرطًا وهذا قول بعض أصحابنا فقال يتعذر الفرق بين كلمة إن وكلمة إذا فينقل جوابه في كل واحد منهما إلى الآخر وتخريجهما على قولين، ومن أصحابنا من قال: النصان على ظاهرهما وهو الصحيح والفرق ظاهر وذلك أن كلمة إذا عند أهل اللغة وأهل النحو موضوع للوقت فإذا قال لها: [13/ أ] إذا لم أطلقك فأنت طالق معناه عندهم أي وقت لم أطلقك فأنت طالق فإذا مضى عليه وقت يمكنه أن يطلقها فيه فلم يطلق وقع الطلاق لوجود الصفة التي علق الطلاق عليها يدل عليه أن إذا يصلح أن يكون جوابًا عن السؤال عن الوقت كما يصلح متى ومتى ما وأي وقت وأي حين، ألا ترى أنه إذا قال الرجل لآخر أي: وقت تلقاني وأي وقت تقضي حقي فقال: إذا شئت أو إذا زالت الشمس، أو إذا دخل الليل أو إذا قدم الحاج صح هذا الجواب كما إذا قال: متى شئت ومتى زالت الشمس ومتى دخل الليل ومتى قدم الحاج فدل على أن إذا ومتى واحد، وأما كلمة إن فإنه يفيد الشرط دون الوقت والزمان، ألا ترى انه لا يصلح أن يكون جوابًا عن سؤال الوقت على ما بيناه فافترقا، قال المزني: فرق الشافعي - رحمه الله عليه - بين إذا وإن فألزم في إذا لم يفعله من ساعته ولا يلزمه في أن إلا بموته فحكي كيف فعل الشافعي ولم يبين أنه راضٍ بما قاله أو يخالفه
الصفحة 91
544