كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 10)
زوجها وإذا ملكها انفسخ النكاح، وإذا انفسخ النكاح سقط مهرها لأن الفسخ كان من جهتها قبل الدخول وإذا سقط المهر بطل البيع لأنه هو عوضه فأفسد البيع لأن ثبوته يؤدي إلى بيعه كذلك هاهنا، وقال بعضهم: يقع الطلاق المباشر دون المعلق بالصفة وبه قال ابن أبي أحمد فغنه قال في "التلخيص": وكل من طلق امرأته بصفة وقع الطلاق بمجيء الصفة إلا واحد وهو إذا قال لامرأته: أنت طالق اليوم ثلاثًا إن طلقتك غدًا واحدة فطلقها غدًا واحدة وقعت الواحدة دون الثلاث، وحكي القاضي الطبري هذا عن ابن سريج فإنه قال في زيادات الطلاق، إذا قال لغير المدخول بها: إذا طلقتك فأنت طالق أخرى قبل التي أوقعتها عليك فطلقها وقعت التي أوقعها ولم تقع الأخرى لأنها لو وقعت لم تقع عن التي أوقعها، وقال صاحب "الحاوي": من حكي عن ابن سريج خلاف هذا فقد وهم وهو الصحيح وبه قال أبو حنيفة وابن أبي هريرة لن الناجز أصل هو أقوى والمعلق بالصفة نوع هو أضعف [16/ أ] فلم يجز أن يكون أضعفهما رافعًا لأقواهما ولأن طلاق الصفة لا يقع إلا بعد وقوع الناجز والناجز لا يرتفع إلا بعد وقوعه لأنه يؤدي إلى سد باب الطلاق.
وقال بعضهم: يقع طلاق المباشر وتمام الثلاث من الطلاق المعلق بالصفة، وقال أبو عبد الله الحسن في "شرح التلخيص" وجماعة من أصحابنا وبه قال أصحاب أبي حنيفة رحمه الله، واحتجوا بأن الذي يؤدي إثباته إلى نفيه ما زاد على تمام الثلاث فوجب أن يقع تمام الثلاث، وقال في مسألة "التلخيص" يطلق غدًا طلقةً واحدة بالمخاطبة وهي في الحقيقة الثالثة وتطلق اليوم طلقتين بالصفة لأنه علق وقوع ثلاث تطليقات بالصفة ووقوع اثنتين منها جائز ووقوع الثلاثة بمجموعه ممتنع.
وقال القاضي الطبري: هذا خلاف ما نص عليه في المنثور وهو الصحيح وما عداه باطل ولو صح هذا القول لبطل مسائل الدور أجمع والفتوى عندي على هذا واعلم أن الشيخ ابن الصباغ - رحمه الله - ذكر هذه المسألة في "الشامل" وطول الكلام فيها وقال من قال: لا يقع الطلاق ها هنا فقد اخطأ خطأً ظاهرًا وليس ذلك بمذهب الشافعي وذلك أنه علق الثلاث بوقوع الواحدة فصار وقوع الواحدة شرطًا في وقوع الثلاث ولا يجوز تقدم المشروط على الشرط، ولو جاز ذلك لبطل كونه شرطًا فيه، قال ولا يشبه هذا مسألة بيع الزوج صداقها لأن البيع يرد عليه الفسخ بتعذر ما أوجبه وهاهنا يتعذر ذلك، ولهذا لو باع مغصوبًا لا يجوز لتعذر التسليم في ثاني الحال وليس كذلك الطلاق لأنه متى وقع لا يطرأ عليه ما يرفعه [16/ ب] فما يترتب على وقوعه لا يؤثر فيه وإلا لزم إذا قال لامرأته: إذا انفسخ نكاحك فأنت طالق قبله ثلاثًا ثم ارتدت أو ملكها فإن الفسخ يحصل، وإن كان إثباته يؤدي إلى نفيه لأنه إذا وقع الطلاق قبله بانت ولم ينفسخ النكاح لعدمه، وكذلك إذا قال لأمته إذا صليت مكشوفة الرأس فأنت حرة قبل الصلاة فيقضي
الصفحة 95
544