كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 10)

الفعل المحلوف عليه دون غيره فأما إذا أجبر السلطان الآخذ فأخذه فيكون على قولين، وإن قبض الحاكم ذلك ثم هو أخذه من الحاكم لم يحنث الحالف لأنه لم يأخذ ماله عليه بل قبض مال نفسه من الحاكم فإن ذمته برئت بقبض الحاكم، ولو وضعه في حجره أو بين يديه لم يحنث لأنه لم يأخذ كذلك، ولو قال: لا تأخذ مني فأخذ منه حنث سواءً كان الأخذ مكرهًا أو طائعًا إن جعله في جيبه أو كمه أو حجره والقياس انه يحنث لأنه قد أعطاه وإن أخذه [19/ أ] السلطان منه ثم أخذه من له الحق لم يحنث لأنه ما أعطاه وإنما أعطاه السلطان، ولو أجبره السلطان فأعطى بنفسه فيه قولان، ما ذكرنا.
فرع
لو قال: إن أخذت حقك فأنت طالق فجاء رجل وقضى دينه عنه قال الدرامي: لا يحنث لأنه بدل حقه وعندي يحتمل وجهًا آخر.
فرع آخر
لو قال لغريمه: امرأتي طالق إن لم أجرّك على الشوك ولا نيه له، قال بعض أصحابنا إذا ماطله مطالاً بعد مطال بَر في كلامه وعلى هذا لو حلف انه يضربها حتى تموت ولا نية له فضربها ضربًا مؤلمًا بُرَّ.
مسألة: قال: "ولَوْ قَالَ: إِن كَلَّمتِهِ فَأَنتِ طالقٌ فكلمَتْهُ حيثُ يَسْمعُ حنِثَ، وَإِنْ لمْ يَسْمَعْ".
إذا قال إن كلمت فلانًا فأنت طالقٌ فكلمته حيث يسمع حنث، وإن لم يسمعه لعارض ضجة أو لغط أو شغل لأنه يقال: كلمته فلم يسمع وإن كلمته لحنث لا يجوز أن يسمعه لانخفاض صوتها وبعد ما بينها وبينه من المسافة لم يحنث لأن التكلم عبارة عن خطاب يفهمه المخاطب، وقال القفال هاهنا: وإن سمع أيضًا لا يحنث وهذا غريب.
فرع
لو كان أصم قال أبو إسحاق: ينظر فإن كلمته ورفعت صوتها بحيث يجوز أن يسمعه مثله وقع الطلاق، وإن لم يسمع لأن الاعتبار بإمكان السماع وإن كلمته بحيث لا يجوز أن يسمعه الأصم لم يحنث، وإن كان السميع يسمع مثله، وقال أبو حامد وجماعة: فيه وجهان، أحدهما: يحنث لأن عارض الصمم كعارض اللغط وهو اختيار القفال. والثاني: لا يحنث لأنها لم تكلمه بشيء يسمع مثله وهذا أظهر لأن مثله غير مكلّم قال الله تعالى: {ولا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إذَا ولَّوْا مُدْبِرِينَ} [النمل: 80].

الصفحة 99