كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 10)

والثاني: أن المجنون رفع عنه قلم التكليف فلا عقاب عليه، والمتشبه به مكلف فيعاقب بما أخل به من التكليفات بسبب التجني، فالمتجنن قد سلب حلاوة العقل في الدنيا وثوابه في الآخرة.
قال تعالى: {وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10) فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك: 10 - 11].
والمجنون مثاب على مصيبته كالمريض، كما نص عليه الشافعي رضي الله تعالى عنه في "الأم".
وروى الشيخان عن عطاء بن أبي رباح قال: قال لي ابن عباس - رضي الله عنهما -: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟
فقلت: بلى.
قال: هذه المرأة السوداء أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إني أصرع، وإني أتكشف؛ فادع الله لي.
قال: "إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللهَ يُعافِيكِ".
فقالت: أصبر (¬1).
والمتجنن لا يثاب على مصيبته، بل هو من أشقى الناس.
روى الطبراني في "الأوسط" عن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَشْقَى النَّاسِ مَنِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ فَقْرُ الدُّنْيا
¬__________
(¬1) رواه البخاري (5328)، ومسلم (2576).

الصفحة 19