وأنشد بعض الحكماء [من الخفيف]:
وَعِلاجُ الأَبْدانِ أَيْسَرُ خَطْباً ... حِينَ تَعْتَلُّ مِنْ عِلاجِ الْعُقُولِ (¬1)
وقيل: [من البسيط]
لِكُلِّ داءٍ دَواءٌ يُسْتَطَبُّ بِهِ إِلاَّ ... الْحَماقَةَ أَعْيَتْ مَنْ يُداوِيها (¬2)
وفي معناه ما أنشده الجوهري لقيس بن الحطيم [من الوافر]:
وَداءُ الْجِسْمِ مُلْتَمِسٌ شِفاءً ... وَداءُ النُّوكِ لَيْسَ لَهُ شِفاءُ (¬3)
والنوك - بالضم -: الحمق.
فإن قلت: إذا كان الحمق غريزة فهو لا يدخل تحت الاختيار، فكيف ينهى عن التحامق والتشبه بالحمقى؟
قلت: إنما يقع النهي عن محاكاة الأحمق في مثل فعله وزيه لا في نفس الحمق، ومن ثم لا يقال للحاكي: أحمق إلا على تأويل، بل يقال: متحامق ومتشبه، ومن الناس من سماه: أرعن؛ ذاهباً إلى أن الرعونة تتولد من معاشرة النساء وغيرهن من ضعفاء العقول، وزعم أن الأرعن في الذم أسهل من الأحمق، والأنوك، ثم المائق أبلغ من الأحمق.
قال في "الصحاح": الموق: حمق في غباوة، يقال: أحمق مائق، والجمع موقى؛ مثل: حمقى ونوكى (¬4)، وأقره صاحب "القاموس" (¬5).
¬__________
(¬1) انظر: "أخبار الحمقى والمغفلين" لابن الجوزي (ص: 24).
(¬2) انظر: "العقد الفريد" لابن عبد ربه (2/ 211).
(¬3) انظر: "الصحاح" للجوهري (4/ 1612) (مادة: نوك).
(¬4) انظر: "الصحاح" للجوهري (4/ 1557) (مادة: موق).
(¬5) انظر: "القاموس المحيط" للفيروز آبادي (ص: 1193) (مادة: موق).