وروى البيهقي في "الشعب" عن أبي عبد الرحمن السلمي رحمه الله تعالى - مرسلاً - قال: سئل أبو عثمان عن قوله: "أَكْثَرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْبُلْه"، [فقال: الأبله] في دنياه الفقيه في دينه (¬1).
وقال الأوزاعي في الحديث: هو الأعمى عن الشر، البصير بالخير (¬2).
وقال سهل بن عبد الله: هم الذين ولهت قلوبهم وشغلت بالله (¬3). رواهما البيهقي أيضاً.
وقال الجوهري: يعني: البله في أمر الدنيا لقلة اهتمامهم بها، وهم أكياس في أمر الآخرة.
قال الزبرقان بن بدر: خير أولادنا الأبله العقول؛ يريد أنه لشدة حيائه كالأبله، انتهى (¬4).
هذا الحديث قاضٍ بمدح العقل والذكاء في الدين، والبَلَه والتعقل في أمور الدنيا، وهو مؤيد لما ذكرناه.
وفي حديث أبي الدرداء المتقدم: "قَلِيلُ التَّوفِيقِ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرِ العَقْلِ"؛ أي: الدهاء، والعقل في أمر الدنيا مضرة، والعقل في أمر الدين مسرة.
¬__________
(¬1) رواه البيهقي في "شعب الإيمان" (1371).
(¬2) رواه البيهقي في "شعب الإيمان" (1375).
(¬3) رواه البيهقي في "شعب الإيمان" (1369).
(¬4) انظر: "الصحاح" للجوهري (6/ 2227) (مادة: بله).